خايف على غزة

بقلم: رمزي النجار

لم تعد أمور الحياة اليومية في غزة سهلة المنال، والازمات أصبحت روتين يومي اعتاد عليها الناس، وتتسارع الأحداث ليلا ونهارا مع بروز ظواهر جديدة ومصطنعة، ولم تعد الناس تتحمل هذا الواقع الذي يزداد سوءً يوما بعد يوم نتيجة تراكمات وتناقضات وحسابات فئوية ضيقة، فالجميع غارق بالمشاكل أيا كان نوعها وحجمها سواء كانت سياسية أم اقتصادية أو اجتماعية، حتى كاد البعض يشعر بأن ثقافة الناس مغيبة واختلاف الرؤى أصبحت من المحرمات، والتشدد والعصبية الحزبية والولاء الشخصي والمزاجية سيطرت على أهواء البعض بلا حدود، وباتت العادات والتقاليد مجرد روتين يومي من الكلمات دون التطبيق العملي، وتمر الأشهر تلو الاشهر في غمضة عين ويبقي الحال من المحال، وهناك من عايش الضغط النفسي ما لا تتحمله جبال من الوضع، والشباب أكثر الناس وجعا في البلد وحياتهم واقفة بانتظار الغد وما يحمل لهم من جديد، وراحت أحلامهم من بين أيديهم، وهناك من هو موجوع على إحساس بالغصة لما يراه من صور الناس التي تعيش في غزة بحياة طبيعية على البحر والسهر والفنادق دون الاحساس بالآخرين وما أكثرهم، وآخرين موجوعين على إحساس بأن الشي الذي كان بديهي ومن المسلمات بحياتنا صار من الكماليات والترف، فالناس تعيش حياتها اليومية كلها في حالة انتظار، وما أصعب لحظات الانتظار في غزة، فحياتنا أصبحت انتظار في انتظار بكل مكونات الحياة اليومية، واحيانا تخرج من بيتك وانت بكامل فرحك وعند وصولك الى مكان للانتظار على طابور رغيف الخبز أو الصراف الآلي أو موقف السيارات ينتابك شيء من الخوف لا تعلم سببه وما هو, تطمئن نفسك انه مجرد شعور عابر وخوف من المجهول لا أكثر وتكمل طريقك ولكن حجم المعاناة تجعلك تقف لحظات مع نفسك، وهل النفس قادرة على استيعاب تلك اللحظات في ظل حالة الشرذمة والتخبط والتناقضات والتصيد لهفوات بعضنا البعض، لقد أصبحت الناس في غزة متعبه جداً، ولم تعد قادره على النوم بسبب القلق والتفكير طوال الليل، وفي النهار يبكي البعض في الغالب ولم يعد يحتمل نفسه وأطفاله في ظل تعقيدات الحياة اليومية، وهنالك ما لا يقال في يوميات الناس ليبقى في الكتمان، ورغم كل شيء هناك من يمتلك قناعة أنه يوجد شيء يستاهل أن نتحمل من أجله، وهناك ناس في البلد صار بينها وبين الموت تحدي، والحياة دوما تنتصر.
في نهاية الأمر الخوف على مستقبل غزة من المجهول يراودنا جميعا احزاب وفصائل وأفراد ومؤسسات دون استثناء، ومن اليوم أضع يدى على قلبي خوفا على غزة مما قد يحدث لها من القادم الحاضر المشحون، فالشحن بلغ الذروة من جانب أصحاب المصالح الشخصية التي تتلاعب بمقدرات الشعب، والجميع يشاركني شعور الخوف على مستقبل أبنائنا من مصير مجهول، فخوفي على غزة من باب حبى لغزة العزة وأهلها أصحاب التضحيات الجسام، فالاستعداد لمواجهة المستقبل ليس بالشحن والتحريض على بعضنا البعض، بل بمعالجة جسدنا الوطني والفكري والثقافي واعلاء المصلحة العليا فوق الجميع وأن ندين الولاء للوطن، وحان الوقت لنكون شجعانا نراجع أنفسنا ونبحث عن أخطائنا لنصححها ونجمع كلمتنا لنقف صفا واحدا أمام أعدائنا.
بقلم/ رمزي النجار
[email protected]