يزداد الحديث في العالم المعاصر عن الديمقراطية كمفهوم يعبر عن القيم المشتركة للشعوب في المجتمع العالمي بأسره وكمثل أعلى يتعين السعي لبلوغه وأسلوب من أساليب الحكم وهدفا أساسيا لصون وتعزيز كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوطيد الاستقرار الوطني والسلام الاجتماعي وتهيئة المناخ المناسب لإرساء دعائم السلام الدولي...علما أن عملية الوصول إلى السلطة وممارستها وتداولها تفسح المجال في ظل الديمقراطية لمنافسة سياسة مفتوحة نابعة من مشاركة شعبية عريضة وحرة دون تمييز وتمارس وفقا للقانون نصا وروحا.
وعند الحديث الصريح والواضح يجب القول بحقيقة مفادها بان الديمقراطية تقوم بالأساس على سيادة القانون ومباشرة حقوق الإنسان وعادة في الدول الديمقراطية لا يعلو احد في القانون والجميع متساوون أمام القانون ويتعين بالأصل على المؤسسات الديمقراطية أن تقوم بدور الوسيط في تخفيض حدة التوتر والمحافظة على التوازن بين التنوع والتوحد وبين الفردي والجماعي, وذلك من اجل دعم الترابط والتضامن على الصعيد الاجتماعي فالديمقراطية التي يتطلع لها الإنسان الحر يجب بالأساس أن تقوم على حق كل فرد في المشاركة في إدارة الشؤون العامة والعنصر الرئيسي لها يتمثل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة على فترات منتظمة يعبر فيها الشعب عن أرادته ويقع على عاتق السلطة ضمان حصول مواطنيها على حقوقهم المدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية ومن ثم فان الديمقراطية على هذا الأساس تنمو تطور مع وجود حكومة فعالة تتصف بالأمانة والشفافية وتقوم على الاختيار الحر وتتحمل المسؤولية الوطنية عن إدارتها للأمور العامة.
فالمسائلة العامة عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية وينبغي أن تتحلى الحياة العامة في مجموعها بالطابع الأخلاقي وان تتسم بالشفافية, والمؤسسات القضائية واليات الرقابة المستقلة المحايدة والفعالة هي الأجهزة التي تكفل سيادة القانون هي ركيزة الديمقراطية.
إن تحقيق استدامة الديمقراطية تتطلب تهيئة مناخ ديمقراطي وثقافة ديمقراطية ودعمها بالتربية والتعليم أولا وتفترض توافر حرية الرأي والتعبير ثانية ويتعين على المؤسسات الديمقراطية أن تكفل مشاركة الجميع في المجتمعات المتجانسة وغير المتجانسة على السواء وذلك من اجل الحفاظ على التنوع والتعددية والحق في الاختلاف في ظل مناخ من التسامح ثالثا.
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه يتوجب على مجتمعنا الفلسطيني من خلال مؤسساته الرسمية والأهلية ممارسة الديمقراطية كمبدأ أساسي في حياتنا اليومية والتطلع ببعد النظر في ترتيب بيتنا من الداخل اعتمادا على خصوصية قضيتنا الوطنية التي تنتظر الحل العادل لها من خلال فهم تاريخي يحقق لنا أهدافنا في التحرر والاستقلال فممارستنا لمبدأ حق تقرير المصير يصوب بوصلتنا الوطنية في الاستمرار بالنضال من اجل استرداد حقوقنا الثابتة على قاعدة تطبيق مبادئ الديمقراطية في مجال الإدارة الدولية للقضايا ذات الأهمية العلمية " القضية الفلسطينية والتراث المشترك للإنسانية ولاسيما إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وينبغي على الأنظمة الديمقراطية أن تكف على سلوك لا ديمقراطي وان تعبر عن دعمها وتضامنها وتأييدها للقضية الفلسطينية في مجال حق تقرير المصير والتحرر والاستقلال وحقوق الإنسان الفلسطيني على قاعدة دعم وتدعيم القيم الديمقراطية في العلاقات الدولية.