الراتب بين اللعنة والمجهول

بقلم: رمزي النجار

منذ أشهر طويلة بات راتب الموظف في غزة في عداد المجهول وخاصة بعد وقف العلاوات الإشراقية والقيادة، وباتت حياة الآلاف من المواطنين والمناضلين رهينة الراتب الذي تقدمة أوروبا وأمريكيا بموافقة اسرائيل كنوع من المساعدات والمنح للسلطة الوطنية الفلسطينية، وارتبطت تلك المساعدات باتفاقيات مشروطة سياسيا واقتصاديا ضمن عملية التسوية السلمية في المنطقة، ولما تحول الراتب الى حالة قلق تسيطر على الموظف متسائلا نفسه هل سيدفع الراتب هذا الشهر؟ وكلما تقترب نهاية الشهر يضع الموظف يده على قلبه بانتظار تلقي خبر الرواتب نزلت أم لا؟ والكثير من العائلات الفلسطينية ارتبطت حياتها بالراتب الذي يوفر الحد الأدنى من العيش بحياة كريمة في ظل تعقيدات الحياة اليومية وازدياد نسبة الفقر والبطالة، ولا نبالغ عندما نقول بأن راتب الموظف يكفي بأن يعيش الموظف أسبوعين فقط متمتعا به ويعيش باقي أيام الشهر مستدينا، كيف لا ومنه تدفع فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات وأقساط الأبناء في الروضة والمدرسة والجامعة، وأصبح الراتب يشكل جل اهتمامات الموظف ولا يعنيه مصدره من أجل لقمه العيش، لذا تراه يقف على الطابور الطويل أمام الصراف الآلي أو داخل البنك للحصول على راتبه الذى أصبح اليوم نصف راتب.
ومع مرور الوقت يشعر الموظفين بأن رواتبهم مهدده ما بين لحظة وأخرى في حال عدم توفير الدعم المالي الذي يخضع لاعتبارات وحسابات القوى الدولية وارتباطها بالتطورات السياسية وخاصة بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني تمهيدا لأنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن ومؤسساته، وتعالت الأصوات للمناداة بأنصاف الموظفين بما يضمن جميع حقوقهم الوظيفية، وليس غريبا أن يتصارع الجميع من أجل الرواتب التي أصبحت تشكل نهجا نضاليا جديدا في توفير لقمة العيش خاصة بعد الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة وما خلفته من حجم الدمار والخراب الذي طال كل مكونات الحياة، وتحول تأخير الراتب إلى قلق مستمر لا يقل عن قلق استمرار وجود الاحتلال.

وفي كل الأحوال أصبحت لعنة الراتب تشكل سيفا مسلطا على رقاب الموظفين بشكل عام، ورأينا أن السلطة الوطنية تتخذ من وقف الراتب عقوبة تفرضها على الموظفين المخالفين لقراراتها دون التمييز بين الجريمة التأديبية وعقوبتها، كما أنه لا يجوز توقيع جزاء تأديبي على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، واذا كان اتخاذ الإجراءات التأديبية ضروري في جميع الأحوال للحفاظ على استمرار الانضباط لكن وفقا للقانون ومستوى المخالفة التي تحددها لوائح الانضباط ان وجدت واعطاء الفرصة للتظلم من أيه قرارات أمام القضاء، ودائما القانون يحدد العقوبات الانضباطية للموظفين ويحدد أثارها وذكرها حسب تدرجها من الأخف إلى الأشد، وبرأينا أن عقوبة قطع الراتب لا يتحقق فيها مبدأ شخصية العقوبة لأنها تنطوي على عقوبة مالية تصيب عائلة الموظف أيضاً، بسبب كون الراتب هو المورد الأساس لأسرة الموظف في مواجهة متطلبات الحياة اليومية، لذا ندعو إلى إلغاء مثل هذه العقوبة لأنها شكل تهديدا مباشرا للأمن الوظيفي وللحق في الأمن الإنساني، وتعتبر أكثر إيذاءا على آدميه الإنسان.

بقلم / رمزي النجار
[email protected]