المجلس المركزي وفلسطينيو قبرص ومصر

بقلم: صلاح صبحية

اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعها يوم الأربعاء 2015/1/21 قررت دعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد في دورة جديدة الشهر القادم .
وأمام المجلس المركزي مهام جسام ، ومنها مشاكل اللاجئين الفلسطينيين في الشتات ، حيث تشكل قضية اللاجئين الفلسطينيين جوهر الصراع العربي الصهيوني ، وكل غياب لهذه القضية في أي هيكلية فلسطينية هو تقزيم لها وتقليل من أهميتها ، وما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون اليوم يستوجب من القيادة الفلسطينية على كافة مستوياتها سواء اللجنة التنفيذية ودوائرها أو المجلس المركزي وقفة جادة ومسؤولة ، تستدعي أن يكون البند الهام والأهم على جدول أعمال المجلس المركزي هو معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية ، ففي ظل الأزمة السورية أٌقحمت بعض المخيمات الفلسطينية في سورية في أتون النار المشتعلة ، مما عرض عددا من المخيمات للتدمير الكلي أو الجزئي مما أدى إلى نزوح داخلي وخارجي ، داخلي إلى الأحياء المجاورة وإلى المخيمات التي لم تتعرض لنار الأزمة ، ونزوح خارجي إلى الدول المجاورة ، ، كما أنّ المئات من سكان المخيمات الفلسطينية قد قضى نحبه بشكل أو بآخر ، أضف إلى ذلك مئات الموقوفين ومئات المفقودين كما العديد من المصابين ، ولا ننسى عشرات الألوف الذين باتوا عاطلين عن العمل وأصبحوا يعانون من شظف الحياة اليومية التي حولتهم إلى باحثين عن لقمة العيش في أي مكان ، كما أنّ الوضع القائم أدى إلى زرع الخوف في النفوس والشعور بعدم الأمان .
وأمام المعضلة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في سورية والمعاملة القاسية لهم من دول الجوار كونهم يحملون وثائق سفر سوريّة أدت إلى فتح باب الهجرة إلى الدول الأوربية بأي كلفة كانت ، ودخل اللاجئون الفلسطينيون مرحلة جديدة من التيه الذي ما زال مستمرا منذ النكبة عام 1948 ، ووجدوا أمامهم السماسرة والمهربين وتجار الحروب يساومونهم على ما يملكون من المال لإيصالهم لبعض الدول الأوربية ، فقطعوا الغابات مشياً على الأقدام مذعورين مما هم فيه ، أو ركبوا قوارب الموت لتلقي بهم قبالة المياه الإقليمية لليونان أو إيطاليا ، لكن منهم من فارق الحياة وهو يعاني من مصاعب رحلة الموت ، مرحلة جديدة من النكبة خالية من الصفة الإنسانية ولا تعرف الرحمة لأنّ ملكيتها لقراصنة البحر .
من اجتاز رحلة الموت فإنه قد وصل إلى حياة جديدة فيها من المتاعب ما فيها ولكنها حياة آمنة ، وأمّا من أخذه البحر فقد انتهى به الأمر بلا جنازة وبلا قبر ، ولكن بين هؤلاء وهؤلاء ثمة مئات من اللاجئين الفلسطينيين علقوا ما بين الموت وبين الحياة ، فقد قذف بهم البحر إلى قبرص اليونانية وإلى مصر العربية فتحولوا إلى محتجزين وسجناء لدى قبرص ومصر .
لاجئون فلسطينيون ، رجال ونساء وأطفال ، يعانون الآن من الذل والهوان في أماكن احتجازهم ، فقدوا كل ما يملكون ، انتظروا العون والمساعدة والاهتمام من القيادة الفلسطينية عن طريق سفارتي فلسطين في قبرص ومصر إلا أنّ العون والمساعدة لم تكن بالقدر الذي يمكن أن تسمى فيه عوناً ومساعدة ، ظنوا أنّ عنوانهم أينما كانوا على وجه الأرض هو السفارة الفلسطينية ، لكنهم فوجئوا بأنّ السفارة الفلسطينية لم تكن عنواناً لللاجئين الفلسطينيين ، تذكروا وساطة الرئيس الفلسطيني الأخ أبو مازن في قضية اللبنانيين المحتجزين لدى المجموعات المسلحة للمعارضة السورية فاستبشروا خيراً ، فأرسلوا برسائلهم إلى الأخ أبو مازن ، لكن يبدو أنّ الرسائل ضاعت أو ضـُيعت في طريقها إلى المقاطعة في رام الله ، أو لعل الأخ الرئيس كان مشغولاً بالمعركة السياسية في مجلس الأمن ، فخاب أملهم في كل جهة فلسطينية وأصبحوا يتساءلون ، ماذا يعني أن نكون فلسطينيين وتكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني .
أمام كل ذلك مطلوب من رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأخ سليم الزعنون أن يجسّد حقيقة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لكل الفلسطينيين حسب البند الرابع من النظام الأساسي للمنظمة وأن تكون معاناة الفلسطينيين العالقين في قبرص ومصر على جدول أعمال المجلس المركزي في دورته القادمة لإيجاد حل لمشكلتهم بعد أن فقدوا كل مقومات الحياة وحتى لا يتحولوا إلى مشكلة دائمة اسمها ( فلسطينيو قبرص ومصر ).

حمص في 2015/1/30 صلاح صبحية