هزيمة دون حرب

بقلم: مازن صافي

نسمع دائما أن العدو الإسرائيلي هو سبب كل المآسي التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده، ونعلم أن (إسرائيل) قامت على احتلال وسرقة أرض الغير من خلال القتل والحرق والتدمير وبتآمر عالمي رسمي ومنظمات مختلفة، ومع الوقت أصبحت ( نظرية الأمن الإسرائيلي ) لا تعتمد فقط على المفاوضات والتنازلات أو الابتزاز السياسي والاقتصادي، بل أنها تعدت ذلك بمراحل حتى أصبح تفتيت وتقسيم الدول العربية من داخلها هدفاً إستراتيجيا مرتبط بأمن كيان العدو، وما يسمى بقدرته على البقاء والتمدد سواء من خلال الاحتلال العسكري أو الاحتلال الاقتصادي، ونلاحظ في السنوات الأخيرة قد برزت الطائفية والعرقية والحزبية في غالبية الدول العربية، وحتى أن بعض الدول العربية لازالت تعاني من الحروب والدمار والدماء.

ولقد بدأت إستراتيجية تفتيت الدول العربية وتقسيمها في بداية الثمانينيات، بحيث يدب النزاع بين الدول "الحدود والمصالح" ومن ثم ينتقل إلى داخل كل دولة على حِده من خلال مصطلحات مشروعة ولكنها تنذر بعواقب عظمي نتيجة اعتمادها على "الفوضى الخلاقة" وصناعة الخلاف بين أبناء الوطن الواحد، ويبدو أننا على أعتاب مراحل جديدة وفصول قاسية من تنفيذ هذه الإستراتيجية وعلينا أن نسجل هنا ما ذكره ابن جوريون أنه ''لا بد من تقوية الميول الانفصالية والانعزالية للأقليات في العالم العربي والإسلامي وتحريكها لتدمير مجتمعاته المستقرة''.

هذا الانهيار العربي والإسلامي والتفتت الداخلي والانقسام والاقتتال والفتن يعني استقرار (إسرائيل)، وبالتالي هزيمة العرب دون حرب .

علينا جميعا أن ننتبه إلى ما يحدث حولنا من مؤامرات ومن مخططات قديمة وحديثة، لندرك أبعاد ما يجري اليوم فوق الأرض العربية، وهذا النزيف الذي يدمي القلوب ويجعلنا نبحث عن المخرج من المأزق الذي أدخلنا في أزمات متلاحقة وأضعفنا وأصبحنا معه فرقا عديدة متناثرة ومتباينة ومتناحرة أحيانا .