الفلسطينيون وحسم مرحلة " إلى أين "

بقلم: طلال الشريف

عاش الفلسطينيون العقد الماضي بسؤال أكثر إلحاحية وبتكثيف ضبابي غير مسبوق من أي وقت مضى عبر تاريخهم يتساءلون فيه عن كل شيء " إلى أين " ؟
عقدٌ بدأ بغياب ياسر عرفات تلك البوصلة التي كانت تريحهم من طرح سؤال " إلى أين " فيذهبون معه أينما ذهب دون عناء التساؤلات تكتيكاً أو استراتيجية ، قال لهم ياسر عرفات إلى فلسطين حين سألوه إلى أين وهو يغادر لبنان وهنا بعد العودة إلى فلسطين مضى عقد مع بوصلة ياسر عرفات غاب فيها سؤال إلى أين؟
مع بدء عقد الرئيس عباس ومن لحظة اطلاق النار في عزاء ياسر عرفات سرعان ما اكتشف الفلسطينيون أنهم في طريق غريب يقطع صمام أمان مرحلة ياسر عرفات وسيمضون مع رئيس اهتزت قدميه قبل تنصيبه فعالج بعدها السياسة الداخلية والخارجية بارتباك بدا واضحا حين أصر على إجراء انتخابات تشريعية حذره منها الجميع وعلى رأسهم حركة فتح التي يرأسها، ومرورا بالتقاعس والخوف من مواجهة حماس قبل انقلابها وأثناءه وبعده ، وانتهاءً بحالة الفوبيا المتصاعدة من كاريزما دحلان المنافسة له والتي وجد البيئة والظرف العازل للضفة الغربية عن قطاع غزة ليصب جام ثأره على فتح فيدمرها فازداد ضعفا واهتزازاً وجلس على تلها لا يعرف أين الطريق، وأصبح مع كل تصرف بعدها يخسر أكثر فأكثر، فمن بدأ مهزوزاً لن يستطيع اخراج الآخرين كشعب من مآسيهم وهو ما نراه من فشل في التفاوض والأمم المتحدة والمصالحة والإعمار وعلاقات الاقصاء والإهمال والاستخدام السيئ للفصائل والمجالس التمثيلية والهيئات التشريعية والقضائية فهو في خسارة متواصلة مع الجميع في رحلة عناد دائم دون شعور بالمسئولية عن مصير وحياة شعب كامل.
وحماس الأخرى ليست بعيدة بحال من الأحوال عن حالة عباس فقد استدرجت للانتخابات وسعت للحكم مستقوية بسلاحها وغيرت تحالفاتها وفقدت شعبيتها بارتفاع مستوى معاناة أهل غزة وإضعاف المواقف تجاه القضية الفلسطينية في السياسة والمحافل الدولية والإقليمية والعربية وتحالفها مع قطر و موقفها من الحكم في مصر بعد سقوط حكم الاخوان.
وكما ترون أن ازمة حماس غلب عليها أزمة علاقاتها كجماعة من الاخوان المسلمين وأزمة قبولها العربي والدولي ولا توجد بها أزمة حزبية رغم الخلافات الداخلية الطبيعية كما في أي تنظيم وان أزمة عباس هي داخلية بامتياز بدأت بإطلاق النار في عزاء ياسر عرفات كما تحدثنا وتفاعلت حتى وصلت لآخر نقطة ضعف لسلطة عباس لتوحيد قيادة الاجهزة وزيارة المخابرات والصدام مع المخيمات ومقاتلي فتح في الضفة الغربية بعد قطعه أرزاق ورواتب الفتحاويين في غزة لشعوره بانتهاء مرحتله ولكن وقد حسم الفتحاويون ارادتهم في اختيار قائدهم القادم بلا منازع في مراحلها النهائية يبدو أن مرحلة عباس شارفت على الأفول.
في المقابل حماس تتخبط في كيفية الخروج من أزمتها الخارجية القاتلة مع المحيط ووضعها لا تحسد عليه وهنا أيضا كأن حماس تقوم بمناوراتها الأخيرة كما عباس بالتهديد بالأفعال الجنونية وكأنها تستشعر نهاية مرحلة لا تنفع معها التهديدات بل تحتاج لذكاء سياسي كبير وقد يكون مستحيلا بفك الارتباط بجماعة الاخوان المسلمين وعنوانه ترك السلطة قبل أن يصبح مصيرها في ميزان التفاعلات الخارجية الجارية حولنا والتي هي بالتأكيد ليس في صالحها كما يتصور بعض قادتها.
الصورة أكبر من أنها فاقعة بأن الفلسطينيون قد حسموا نهاية مرحلة " إلى أين " بعد أن حسم الفتحاويون مرحلة اختيار قائدهم الجديد وعندما يحسم الفتحاويون مواقفهم فالحسم يشمل الفلسطينيين جميعا خاصة في اختيار قيادة التيار الوطني لكل الاسباب التي يعرفها الجميع ونحن أمام نهاية لمرحلة إلى أين وبصدد مرحلة قيادة جديدة تحدد معالم الطريق الذي تاه فيه حكام بلادنا طوال عقد عصيب مضى بلا رجعة.
6/2/2015م