بكل تأكيد ليس بالأمر السهل على حركة حماس البقاء في حالة التغريد الانفرادي دون النظر الى المحيط الذي تعيش فيه كذلك دون الاخذ بعين الاعتبار المتطلبات الدولية والتي من خلالها ممكن القبول بها كجزء من الحركة الوطنية الفلسطينية ,وهذا الزمن الطويل من التدليل من قبل النظام العربي الرسمي لحركة حماس ليس من باب سعة صدر النظام الرسمي العربي بقدر ما هو وضعية الحالة الفلسطينية وعدم رغبة النظام العربي في مساعدة الكيان الصهيوني في تضييق الخناق على شعبنا وعدم أيصال حركة حماس الى حالة اليأس وأغلاق الافق أمامها لتكون الوجهة الايرانية هي المتاحة فقط ,أضافة الى عدم نضوج رؤية دولية صادقة تفرض لحل هذا الصراع المرير يلبي الطموحات الفلسطينية والعربية بالحد الادنى وفق القرارات الدولية .
ولا يخفى على أحد بأن قبول حركة حماس الدخول في النظام السياسي الفلسطيني في 2006م من خلال الدخول في الانتخابات التشريعية والفوز بها وتشكيل الحكومة والتي في حينه اراد العالم بشكل فج من حركة حماس التخلي عن برنامجها السياسي دون أفق حل واضح وكأن الرباعية واسرائيل في حينه أرادت أن تأخذ عربون مقدم دون أن تضع على الطاولة البضاعة المطلوب ثمنها وهنا كان رفض حماس وفرض الحصار وبكل تأكيد كشف هذا زيف الديمقراطية التي أدعت في حينها الإدارة الامريكية أنها تسعى لنشرها في الوطن العربي ,ولكن ما بين استلام حماس الحكم في غزة والتجربة المريرة التي مرة على شعبنا الفلسطيني خلال تلك السنوات كان هناك دروس ومواقف ولكن جميعها كانت شبه خجولة ولم ترقى الى الموقف الرسمي المطلوب من قبل حركة حماس ,فلم تخلو تلميحات وتصريحات قادة حماس وخاصة السيد خالد مشعل للأعلام الغربي والامريكي بوجه الخصوص من استعداد حركته للقبول بدولة فلسطينية على حدود 67م وعدم الممانعة في طرح الاعتراف بإسرائيل على الشعب الفلسطيني في استفتاء شعبي عام.
وجميعنا يعلم بأن الرئيس محمود عباس يصرح على الدوام بأنه في حال التوصل الى أتفاق سلام مع دولة الكيان الصهيوني فأن الامر سيكون لشعب ليقول كلمته فيه .
لقد أعطى (الربيع العربي) أمال لبعض الواهمين وخاصة حينما وصل الى الحكم الاخوان المسلمين وتدخلت دولة قطر بما هو مناط لها من تكليف من قبل أسيادهم والذين يعملون على الدوام على طمس وتفتيت المشروع الوطني الفلسطيني وتمزيقه وتحويله من مشروع تحرر الى مشروع البحث عن فتح معبر وكهرباء وماء وإظهار هذه المتطلبات الاساسية لشعبنا بأنها هبات تمن علينا بها دولة الاحتلال مقابل حالة الهدوء أي يكون الامر في النهاية خبز مقابل هدوء .بكل تأكيد حينما بات توجهنا في غزة هو التجارة والعيش والاسترزاق وحفر الانفاق وأسقاط كل الاعباء عن دولة الاحتلال كان البعض يرى الامور في غزة نرجس ,ولكن لم يطول الامر لعدة عوامل لا مكان للخوض فيها هنا ,المهم انتهاء شهر العسل لحكم الاخوان وباتت العلاقات بين حماس ومصر تحمل الرقم صفر الى حد أن المحاكم المصرية أخيرا اتخذت قرارات غير معهودة بالنسبة لفصيل فلسطيني ,أضافة الى حالة الجمود في الاعمار وعدم استلام حكومة التوافق مهامها في أدارة الشأن الفلسطيني .
والنتيجة أن حركة حماس اليوم في أزمة حقيقية ولا يجوز أنكارها لأن حال غزة المتردي ليس بحاجة الى شهود فماذا يعني أن يكون ما يقرب من 2مليون أنسان في سجن مفتوح ,تفتح المعابر فقط للمرضى والجرحى ودخول الطعام والدواء والمساعدات بالشكل الذي يحفظ من الفناء ,ماذا يعني أن ما يقرب من عشرة الاف منزل مدمر تدمير كامل دون أن يكون هناك أفق للبناء .
السؤال هل أمام حماس خيارات اليوم ؟
نعم هناك خيار وطني يكمن في استكمال مشوار المصالحة وتمكين الحكومة من ممارسة عملها في غزة والدخول تحت مظلة البيت الوطني الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات وبهذا تكون قد أزاحه تلك العباءة التي ينفذ من خلالها رفض النظام العربي الرسمي لحماس .
أما بخصوص المطلب السعودي من حركة حماس بضرورة الاعتراف بالمبادرة العربية لسلام كشرط لتحسين علاقاتها بجمهورية مصر فهذا المطلب هو جزء من المنظومة الوطنية والتي على الدوام في حالة تشاور مع جميع الدول العربية في أي خطوة محلية أو دولية تخص شعبنا وعملت على تضمين واعتماد ومبادرة السلام العربية كأس من الأسس التي سوف يكون عليها السلام العادل والشامل .
هنا لابد من التنويه بأن حلفاء حركة حماس (قطر-تركيا )من الداعمين لتلك المبادرة ومن الدول التي تربطهما بدولة الكيان الصهيوني علاقات مميزة في شتى المناحي ,كما أنهم لا يرغبون بأغلاق الافق امام حركة حماس لتكون الوجهة الايرانية هي الوحيدة المتاحة امام حماس من هنا الخيار اليوم أمام حماس واضح وليس بحاجة الى المزيد من المعاناة أمام شعبنا ووضع المجابهة الذي تقوده القيادة الفلسطينية مع دولة الاحتلال في المحافل الدولية بحاجة الى كل الجهود الوطنية الخيرة والنيرة والتي تتعالى عن المصالح الحزبية وهذا يتطلب من الحكومة أن تأخذ دورها وتكون حكومة الشعب الفلسطيني وتحل كل المشاكل التي ترسبت نتيجة سنوات الانقسام البغيضة ,فهل يتعالوا جميعا عن الجراح وندفن جميعا تلك المرحلة النتنة من تاريخ شعبنا ؟؟؟