ليست الأحداث الأخيرة الدامية والمؤسفة، والتي حدثت في محيط إستاد الدفاع الجوي مساء أمس الأحد الموافق 8/2/2015 وذلك قبيل مباراة الزمالك وإنبي ،و التي سقط على أثرها ما يقرب من22 قتيلاً في اشتباكات بين الأمن المصري ومشجعين لفريق الزمالك ،والتي أسفرت كذلك على العديد من الإصابات.. لم تكن تلك الأحداث بسبب " لعنة الفراعنة" ولا بمحض الصدفة.. ولا بسبب التدافع الجماهيري من مجموعات من رابطة مشجعي الزمالك " الوايت نايتس" بالإنجليزية: Ultras White Knights) (UWK).. والتي ليس معناها أبدا من وجهة نظري كما بالترجمة الحرفية " مشجعي الفرسان البيض " ولا المتعصبين لتشجيع نادي الزمالك .. بل هي بسبب الذين اجتمعت أهدافهم والتقت في نقطة واحدة أي تقابل والتقاء بين متطرفي الفكر والإرهاب مع متطرفي المشجعين لكرة القدم لإحداث فوضى وإثارة للشغب ..إذا هناك حلقة مفقودة.. أو طريق ثالث كماالعوامل الحفّازة في المعادلات الكيميائية والذين من خلالهم تم دفع كلا الطرفين ، إلى التسخين والتحريض فالطرف الأول المتطرف والذي دبر وخطط ونفذ مع سبق الإصرار والترصد مقابل حفنة أموال جاءت له من الخارج ،والطرف الثاني هم مجانين التشجيع الكروي والمضحوك عليهم، والذين زُج بهم في هذه المجزرة المدبرة من قبل أولئك الذين يريدون إحراج مصر، وتفتيت أو إفراغ المنظومة الأمنية حتى يروق لهم تدمير مصر في كل مكان في سيناء ،وفي القاهرة، وفي الإسكندرية هم يتلونون كالحرباء ظآنين أنُهم يصعب كشفهم أو بطرقهم المختلفة يضللون ذوي العقول الرشيدة ،فالذي يحب نادي من الأندية لا يفعل ذلك أبدا سواء أكان يمتلك تذكرة للدخول أم لا.. وسواء دخل الإستاد لمشاهدة المباراة أم لم يتمكن ، فالذي يعشق تُراب مصر لا يمكن أن يكون سببا في إراقة دماء الأبرياء على أرضها من أجل مشاهدة مباراة ..وإلا كان المفروض أن يُقتل الآف من الجماهير المليونية في مظاهرات التحرير الحاشدة أيان الثورة فرغم كل الأعداد الهائلة والمشاركة إلا أننا ما علمنا من تُدافع بالصورة البشعة ،التي حدثت بالأمس وما علمنا من قتلى إثر ذلك ..الموضوعية تقتضي منا الحكمة.. قبل الحكم على من يتحمل مسئولية ماحدث هل رجال الأمن وحدهم يتحملون كل العواقب وان هناك خللا واضحا وسوء في تقدير الموقف في التعامل مع الأزمات، وانه كان على رجال الأمن أن يخلوا المكان فورا ،وحتى ولو أدى الأمر لمقتل ِ المئات إثر الفوضى المدبرة آنذاك .. أم يتحمل المسئولية سوء القرار من قبل الذين سمحوا للجماهير الدخول للإستاد بعد تعطش كبير ،وبعد ظمأ هجرة الملاعب ، مقابل أثمان تذاكر ،لا تسمن ولاتغني من جوع، ورغم علمهم فقدان تلك الجماهير لرغيف الخبز وليس أثمان التذاكر فقط،والذين زحفوا على بطونهم من أجل الشعور فقط بلحظات سعادة وهمية ترسم لهم طريق الأمل في غياهب الحياة ووسط كل الأجواء الكالحة والمعقدة .. أم يتحمل المسئولية.. المدفوعين سواء أكانوا من الالتراس الذين تصرفوا بجهالة، أو من البسطاء الذين انخرطوا في صفوفهم عن جهل ٍ وهم لا يعلمون بأنهم سيكونوا المحرقة أو وقود النار عند إحداث مثل تلك الحالة ..حالة الشعب وإثارة الفتن أنا أقول من وجهة نظري أن ما يحدث في مصر وهو نتاج فعلي ..لمجموعة معايير منها أزمة المنظومة الأخلاقية والثقافة الشعبية بصورة واسعة وعميقة، وميلاد طفرة لعادات سلبية ..قذرة،لم تكن موجودة من قبل وتقاليد شاذة وأزمة فائقة في العقيدة ..وإلا من أين نبتت تلك الشياطين المتطرفة ،وترعرعت ..هل جاءت من كوكبٍ آخر ..؟!!وإلا ما معنى قول السفهاء والمندسين أو المأجورين سنجتاز الحدود والقيود ونخترق التحصينات الأمنية المهم أن نثير الشغب ونُخرب كل شيء.. بدعوى الإصرار والعزم على مشاهدة المباراة رغم أنوف الجميع يعني ذلك وكأنهم يقولون لنا : نحن فقط ،ومن بعدنا الطوفان ..!! أولئك الذين اتبعوا سنّة شمشون عندما فشل في تحقيق أهدافه حيث قال مقولته الشهيرة :"عليَّ وعلى أعدائي "..لكن التساؤل الصعب الذي يبحث عن إجابة نموذجية هنا هو .. من هم أولئك الأعداء ..هل هم الذين يسهرون على حماية الدولة المصرية ،وتحقيق الأمن والذين يتعرضون للقتل في كل مكان ،وسط هبة العواصف الإرهابية التي تكاد أن تفتك بالبلاد ،وتدمرها .. أم الأعداء هم الأبرياء من الضحايا الشبان المساكين الذين سقطوا على مسرح العمليات والذين لاحول لهم ولا قوة إلا بالله أم ...إلخ.. حقيقة بصرف النظر عن كل ما حدث رغم الوجع والألم ..ورغم فظاعة المأساة .. إلا أني حزين على استمرار مباراة كرة القدم ،ومشاهدة الملايين لها دون أدنى انقطاع أو إلغاء للمباراة بعد كل ماحدث .. احتراما للإنسان ولكرامة الإنسان..فالذين قُتلوا هم ليسوا نعاجا ولا خرافا ..بل أناسا من أرض مصر وأهل مصر .. ولو كنت من أصحاب القرار في الشئون الرياضية لأصدرت اوامرا واضحة صريحة وسريعة بإلغاء الدوري المصري فورا، وكل الأنشطة الرياضية التي ترافقها التجمهرات البشرية وذلك حتى إشعارا آخر وبعد استتباب الأمن ، واندحار الإرهاب ،والذين لهم مصلحة حقيقية في التآمر لمحاولة نسف مصر من الخارطة السياسية والجغرافية ..مقابل أهداف إستراتيجية خارجية تريد الاستحواذ على مصر وكسر شوكتها ..لأنه حينها ستسقط كل البلدان العربية وأني هنا أشير بتوقعي وتحليلي الشخصي إلى أن الطريق الثالث هو مؤامرة مزدوجة أهدافها حلم ورغبة إسرائيلية تنسجم مع الذين يدعون لعودة الدولة الفارسية من جديد.. !!