الاعتراف بالفاسدين فضيلة!!!

بقلم: رامي الغف

الفساد أشبه ما يكون بالسوس الذي ينخر أينما حل وحط، ومن الصعب بل ومن المستحيل مكافحته إلا بأقوى الأدوية والعقاقير والمبيدات أو بالحرق إذا لزم الأمر، وهو الطريق والسبيل الوحيد للخلاص منه على قدر المعلومات التي عرفناها.
وعلى ضوء هذا التعريف، فان الفساد أو ما يسمى بالفساد الإداري والمالي في القطاعات المختلفة في الدولة، وعادة ما يكون التلاعب في أموال الجماهير من العيار الثقيل والمتلاعب يكون من المسئولين أو المتنفذين الكبار، وهذا ينطبق على كل الحكومات في العالم لذا نسمع بين الفينة والأخرى عن مسئولين كبار في الدول يحالون للقضاء بتهمة سرقة أموال الدولة والعبث بالاقتصاد الوطني، لكن هذه السرقات ليس بالضرورة أن تنعكس على واقع المواطن بشكل مباشر ويمكن للدولة أن تعالج الموضوع بشكل أو بآخر، الحكومات الفلسطينية المتعاقبة أيضا عانت من هذه الحالة على ضوء الطرح نفسه وحدثت سرقات من قبل مسئولين كبار، فمنهم من استطاع أن يهرب خارج الوطن، ومنهم من قبض عليه وأحيل للقضاء، رغم إننا نعلم أن الحكومة مقيدة لأسباب عدة، وان يدها غير مطلق لها العنان بسبب الخصوصية في الوطن حيث الاحتلال الصهيوني وعدم التحكم في بعض المناطق الفلسطينية التي يديرها الحكم العسكري الإسرائيلي.
لذا أصبح من الواجب علينا أن نعالج هذا الأمر من خلال قنوات النزاهة والشفافية وإصدار القوانين وتطبيقها على ارض الواقع، لكي نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح والبدء من جديد، لكي نلحق بالركب الاقتصادي العالمي، والذي وصل مراحل من النمو والرقي، بحيث أصبحت المسافة فيما بيننا شاسعة جدا، ولكي لا تتلاشى صور التقدم والنمو ويحل محلها التخلف والفقر والحرمان، وحتى نصل باقتصادنا ومشروعنا الوطني، إلى التنوع وإيجاد منابع سياسية واقتصادية وإجتماعية متنوعة، بعيدا عن أيدي المتلاعبين والمفسدين الللصوص والمرتشين، بالاقتصاد الوطني ووفقا لأسس ومعايير محددة، وتوفير كافة السبل والإمكانات التي من شانها القضاء على أولئك المفسدين، حتى وان كانوا في الهرم الأعلى من السلطة، لا سيما وان هيئة مكافحة الفساد، قد أدانت مسئولين كبار في الأجهزة الحكومية، وقدمت لنا نماذج صارخة على ما وصلت إليه حالات الفساد الإداري والمالي.
إذن كيف لنا أن نكافح الفساد الذي طال اغلب مؤسساتنا الوطنية في ظل تعطيل اغلب القوانين واعتكاف أعضاء المجلس التشريعي في بيوتهم، وانشغال الرئاسة في ملفات معقدة وصعبة وأولها الملف التفاوضي والسياسي، والذي أتعبها واخذ منها جل وقتها، نرى أن العلاج يكمن في نقطتين لا غير أولهما وهو اضعف الإيمان المؤسسات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني أن يكون لهما دورا فعالا في توعية المواطن الفلسطيني من خطر الفساد الإداري والمالي وأبعاده الحقيقة على مستقبل الوطن، والتحرك بشكل جدي يخفف من هذه الظاهرة التي لا تقل في تأثيرها عن الاحتلال ولا نبالغ لو قلنا أيضا الإرهاب.
وثانيهما تفعيل القوانين الرادعة التي تردع كل المفسدين دون رحمة أو شفقة وتشديد العقوبات الكفيلة بإيقاف هذه الظاهرة المستشرية في المؤسسات الوطنية، نحن ندرك أن الحكومة عاجزة في الوقت الحاضر لذا نطالب مؤسسات المجتمع المدني وأئمة المساجد وخطباء المنابر ووسائل الإعلام ورجال الإصلاح أن تكون لهم وقفة شجاعة وتحرك سريع في هذا الاتجاه وإيجاد الحلول الناجعة لمحاربة الفساد ومساندة أجهزة الدولة في مهامها الوطنية، وعلى أحرار وشرفاء هذا الوطن الغالي أن يواجهوا الفساد من خلال قنوات النزاهة والشفافية وإصدار القوانين وتطبيقها على ارض الواقع لكي نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح والبدء من جديد بفلسطين قوية تنموية، ولكي نلحق بالركب الاقتصادي العالمي والذي وصل مراحل من النمو والرقي بحيث أصبحت المسافة فيما بيننا شاسعة جدا، ولكي لا تتلاشى صور التقدم والنمو ويحل محلها التخلف والفقر والحرمان، وحتى نصل بوطننا وباقتصادنا إلى التنوع وإيجاد منابع اقتصادية متنوعة بعيدا عن أيدي المتلاعبين والمفسدين بكل مناحي حياتنا، ووفقا لأسس ومعايير محددة، وتوفير كافة السبل والإمكانات التي من شانها القضاء على أولئك المفسدين حتى وان كانوا في الهرم الأعلى من السلطة لاسيما وان هيئة مكافحة الفساد قد أدانت مسئولين كبار في الوطن الفلسطيني، وقدمت لنا نماذج صارخة على ما وصلت إليه حالات الفساد الإداري والمالي والأخلاقي في الوطن.
إننا نقف على مفترق طرق ولا سبيل لنا إلى الوقوف بحزم وقوة مع كل المفسدين فهم وبدون أدنى شك الوجه الآخر للاحتلال، فكلاهما يريد تدمير فلسطين والجماهير وعلى القوى السياسية والوطنية والإسلامية، أن تتعامل مع الوضع القائم تعاملا قانونيا، لا سياسيا وإنهاء معانات الجماهير وفقا لما تتطلبه المصلحة العامة، لكي يمنحوها الثقة والمصداقية لما تدعيه من أهداف وبرامج، ولكي لا تتحول حياة جماهير فلسطين في المحصلة النهائية إلى سوق، تتداول فيها عملة رديئة أحد أوجهها الفساد الإداري والمالي ووجهها الآخر فساد القيم والأخلاق والضمير.
هنالك خطوات قد تبدو بسيطة وقد تكون بدائية بالنسبة إلى مجتمعات متطورة سبقتنا في محاربة الفساد بصورة عامة سواء كان إداريا او ماليا او اجتماعيا او أكاديميا او غيره، وهو فيما إذا ثبتت جريمة مالية او اقتصادية او غيرها على شخص ما فانه يصار إلى فضح اسمه وصورته في وسائل الإعلام ويحاكم علنا على أن لا يكون حارسا او شرطيا او موظفا بسيطا وإنما المقصود أولئك المفسدين وجرائمهم بملايين او مليارات الدولارات والحيتان والهوامير والقطط السمان، ليكونوا عبرة لغيرهم وليردعوا بهذا العقاب آخرين قد تسول لهم أنفسهم سرقة قوت المواطنين واللعب بمصائرهم، والخوف من الأساليب الرادعة لتحقيق موازنة بين أن تسول للمفسد نفسه وبين الإحجام عن الخطأ وهو احد الطرق التي استخدمتها بلدان قبلنا.
وأخيرا علينا مسؤولية جماعية لكشف وإظهار هؤلاء المفسدون على شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام وأمام الملأ ليكونوا عبرة لغيرهم، وإذا لم نقف كلنا وقفة رجل واحد لردع هؤلاء الفاسدين، فسيؤمن هؤلاء، وديتهم إنهم يتركون الوطن إلى منتجع غربي جميل وإذا لم يسعفهم الوقت للفرار للمنتجعات الغربية فالخيار عندها دبي وأبو ظبي أو الدوحة ويعيشوا عيشة السلاطين ويتمتعوا بأموال الغلابة والفقراء آمنا من أي عقاب أو ملاحقة أو فضيحة تلحق به.
آخر الكلام/
أقل ما نقول للشرفاء: من أمِن َالعِقابَ أساءَ الأدب, فلا يردع أمثال هؤلاء الفاسدين غير التشهير والقصاص.

الإعلامي والباحث السياسي