قصة قصيرة بعنوان : من أطفال هذا الزمان ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

تكاد خيوط الفجر الأخيرة تلفظ أنفاسها ..تتلاشى شيئا فشيئا .. فيتنفس صبحا جديدا يضفي على الكون طموحا وأملا وتحديا ، مع بزوغ شمسا جديدة تتراءى من بعيد وراء الأفق.. اصطدمت أولى أشعتها بزجاج نافذة غرفته الصغيرة كقلبه الصغير.. صحا من نومه مبكرا هذي المرة على غير العادة.. فهو طفلٌ صغير تشع عيناه ذكاءا و إشراقا وعنادا كبيرا ..نهض من سريرة مسرعا بصورة ملفتة للأنظار، وكأنه على موعد ينتظر فيه مشاهدة حدثا ما ..سأله والده إلى أين أنت ذاهب ..رد عليه ببراءة شديدة ،سأذهب لاشتري شوكلاته من البقال ..قال والده في قرارة نفسه ،ووسط حالة من الذهول والحيرة..كيف يمكن لطفل ٍ صغير لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات بعد،ومع ذلك يحاول الخروج من البيت ، وفي مثل هذا الوقت المبكر جدا.. فلا باعة متجولين ولا حراك لأي شيء سوى سماع صوت صفارة سيارات تعبئة المياه الحلوة والتي يتخافت صوتها رويدا ..رويدا من بعيد ..قال له والده.. عُد للفراش وأغمض عينيك ونم ، فلو خرجت سيراك الغول بالشارع ويأخذك معه ليأكلك .. فعندما تطلع الشمس كاملة .. فاخرج واشتري ما تريد ..هز ذاك الطفل رأسه بطريقة توميء بالرفض ، وليس القبول ..كانت حركاته واضحة بريئة ..لكن وما أكثر الذين يومئون برؤوسهم في أيامنا حقدا وكراهية وحسدا وليس تأييدا أو موافقة .. المهم أنه ماهي إلا لحظات وإلا وقد خرج خلسة من البيت يجرجر قدميه الصغيرة ممسكا بحذائه تحت إبطه حتى لا تُسمع أصوات أقدامه فيراه احد أفراد عائلته وحينها تفشل خطة البحث والتحري عما يريد ..افتقده والده وهم أن يخرج ليبحث عنه ويعرف ..أين خرج وكيف خرج ، وقبل أن يغادر الغرفة رآه وقد رجع مطاطأ الرأس ،وفي عينيه لوما وعتابا كبيرا حيث قال لوالده بصوت ضعيف لم أخرج لاشتري شوكلاته لكن..ليس هناك أي غول كما قلت يا أبي ..!!
 بقلم /حامد أبوعمرة