رحيل ملك وتولي ملك.. وثبات سياسة

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

المملكة العربية السعودية تحتل مكانة هامة ومرموقة على المستوى الإقليمي والقاري والدولي، تلك حقيقة لا يماري فيها إلا فاقد بصر، أو حاقد، أو حاسد، لذلك تتجه الأنظار دائماً للمملكة العربية السعودية ويجهد المراقبون في تحليل أحداثها ومواقفها لما لها من تأثير محلي ودولي.

فمع تشييع جثمان المغفور له إن شاء الله الملك عبد الله بن عبد العزيز عصر يوم الجمعة 23/يناير/2015م انتشرت التحليلات، كما كثرت الإشاعات حول المملكة ومواقفها وما سيستجد في سياستها إزاء العديد من الملفات الباردة والساخنة التي تلف المنطقة، أولئك فاقدي البصر الذين يظنون أن مع رحيل ملك، وحلول ملك سوف تتبدل سياسات ومواقف المملكة لتستدير مائة وثمانون درجة، وأخذوا يؤلفون الروايات ويقدمون التحليلات مع ما تشتهي نفوسهم المريضة من تحولات، ويثيرون بلبلة في عقول البعض ممن يتمنون تلك الإستدارة وفق أهوائهم وأمزجتهم ومصالحهم، متغاضين عن حقائق الجغرافيا والإقتصاد والسياسة التي حكمت سياسة المملكة العربية السعودية منذ النشأة والتأسيس على يد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، من حيث طبيعة الحكم الملكي القائم على أساس تطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء دون غلو أو تطرف مع إنفتاح على كل جديد يتوافق ومصلحة الأمة وغاياتها ولا يتعارض مع أسس الشريعة الإسلامية وفق رؤيا سياسية تخدم قضايا الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي مثلت ركناً أساسياً في سياسة المملكة منذ بدايات القضية وإلى اليوم، وتوارثها ملوك المملكة، ملكاً إثر آخر في العمل الجاد سياسياً ومادياً فيما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ومصلحة الأمة، كما بقية قضايا الأمة العربية والإسلامية، على قاعدة تحقيق المصالح والغايات المشتركة للأمة جمعاء، في نفس الوقت الذي تسعى فيه المملكة جاهدة من أجل إقرار الأمن والسلم على مستوى المنطقة العربية والعالم أجمع، ومواجهة كل أشكال التطرف والغلو والإرهاب التي قد تهدد إستقرار وأمن المنطقة والعالم، لأن المملكة العربية السعودية تؤمن بمبادئ الأمن والسلام العالمي والتي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف، كما تؤمن بالتعاون في كافة المجالات التي من شأنها أن تحقق مصالحها ومصالح الآخرين دون تمييز في اللون أو العرق أو الدين، وقد أقامت علاقاتها الدولية المتشعبة على هذه الأسس والمبادئ النبيلة من مواقع القوة المعنوية والإقتصادية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية.

هكذا خيبت المملكة العربية السعودية تلك الظنون الخائبة والرهانات الخاسرة والأمنيات الجاحدة والحاقدة والحاسدة، في الإنتقال السلس لمقاليد الحكم إلى يد ولي العهد ورجل الدولة الراشد والحكيم الملك سلمان بن عبد العزيز الشخصية النادرة في تاريخ الحكام والملوك والذي تمرس في الحكم والإدارة منذ أيام شبابه الأولى، وكان لعقود خلت شريكاً في صناعة السياسة للمملكة، وفي قراراتها السياسية والإستراتيجية وممسكاً بأهم ملفاتها السياسية الداخلية والخارجية، ومنفتحاً على قضايا مواطنيه وشعبه، كما على قضايا أمته، ومحل ثقة والده وإخوانه الملوك من قبله، وقد حظي بحب شعبه ومواطنيه كما حظي بحب وإحترام أبناء أمته من المثقفين والسياسيين، وإحترام قادة العالم الذين كانوا يحرصون دائماً على زيارته والإلتقاء به والإستنارة برأيه في العديد من القضايا الدولية الشائكة قبل أن يصبح ولياً للعهد، ثم ملكاً للمملكة العربية السعودية، وهاهي المملكة العربية السعودية اليوم بعد توليه حفظه الله مقاليد الحكم تؤكد على إستمرار إستقرارها وتطورها ونموها، وثبات سياساتها ومبادئها التي سارت عليها منذ عهد المؤسس وإلى الآن، لتبقى الحاضنة لهموم أمتها والراعية الأمينة لقضاياها المصيرية دون تفريط أو توريط، فلا تبخل بتقديم كل أشكال الدعم والمساندة لجميع الأشقاء من أجل أمن وإستقرار ورخاء شعوبهم لأن المملكة تؤمن أن ذلك هو الضامن لتقدم الأمة وشعوبها على السواء.

فرحيل ملك وتولي ملك في المملكة العربية السعودية لا يعني إطلاقاً تغييراً في المبادئ والأسس التي سارت عليها سياسات المملكة سواء الداخلية أو الخارجية وإنما هو الثبات والإستمرار والتطور والإستقرار، هي السمة التي تتسم بها سياسات المملكة بعيداً عن الأهواء والأمزجة المتقلبة.

فهنيئاً للمملكة العربية السعودية بمليكها سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وهنيئاً للأمة العربية والإسلامية، بالمملكة العربية السعودية، النموذج في الأمن والإستقرار والإستمرار والثبات والتطور والإزدهار والنماء والوحدة.