من أقسى المشاهد الإنسانية.. عندما نرى أناسا يتحركون بسرعة كالبرق، ويدورون حول الضوء كما تدور الجاموسة حول الساقية ،والتي تسمى في بعض البلدان " ناعورة"طبعا مع الفارق في السرعة الكبيرة .. إلا أن الأخيرة هي أفضل حالا لأنها تُدّور الساقية رغم عُصبة عينيها ..فتسحب الماء بكل رفق ٍمن الترع لتسقي الحقول والبساتين..المشكلة عندما نصرخ عليهم أي أولئك الناس، بأعلى صوتنا لننقذهم ،بل ونمد أيدينا إليهم ..عسى أن ننتشلهم من السقوط .. لكنهم عازمون على الدوران بهمجية فائقة، ويصرون على الاقتراب بسرعة جنونية من مركزية الضوء ..وكأنهم صمّ ..بكمّ ..عُمي ،وما هي إلا لحظات وعلى مرأى من أعيننا ..وإلا ونجدهم يحترقون فتتحول أجسادهم الضعيفة على عجالة إلى مجرد بقايا رماد ..!!
وذلك هو حال من نتعامل معهم اليوم بشفافية ،وبصدق بكل أسف ،فحينما نشير لهم ببعض الأخطار اوالاشكاليات التي قد تواجههم في دروب حياتهم ،نجدهم يبتعدون.. ولا يقتربوا منا أبدا ..ولو سألناهم لقالوا لنا ..أن نكون عرايا في نظر الآخرين بل في أعين كل الناس شيئا لا يقلقنا ..لكن أن يقول أحد أولئك الناس لنا ..هاكم ثياب الستر ،والفضيلة.. ننتفض عليه ويصبح عدواً..لدودا لنا ..لا زلت مقتنع جدا برأيي رغم شذوذ هؤلآء القوم في المقولة المنطقية الشائعة والمنبعثة من قلب حكايانا وسلوكياتنا ..واني هنا اكتب المقولة كما وردت بالعامية"يا بخت من بكانى وبكى الناس عليه، ولا ضحكنى وضحك الناس عليه"..من المآسي في أيامنا أننا لا نجد إلا الذين يُضحكونا ..!!
حامد أبو عمرة