لا تغركم الدنيا ويغررنكم المناصب والكراسي لان الزمن يتغير وكل شئ في هذه الدنيا يتغير ولكن يبقى الذكر الطيب وحسن العلاقة مع الناس ، عجلة الحياة مستمرة لا تتوقف على احد بعينه ، ولو كان مقدرا لاحدان يستمر في وظيفته أو عمله لما استطاع آخر أن يتولى هذه الوظيفة أو ذاك المنصب والقاعدة أن الاداره لا ترتكز في اختيار طاقهما على عامل السن بل ترتكز على ألقدره والكفاءة على التجديد في الاداره وإحداث تطوير وتقدم في عمل هذه المؤسسات ، إن الاداره بالذات تحتاج إلى سرعة التجديد والتطور وإنتاج أفكار بعيدا عن التقليد ، وهذا ما يؤكد القول ( لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ) هي قاعدة إدارية وجيهة وهي تنقل رسالة إلى كل شخص يستمر في الإدارة لفترات طويلة، وقد استنفذ ما لديه من أفكار ومن قدرة على التطوير، وأصبحت مؤسسته تُدار بشكل تقليدي، حيث إن الإدارة أساسها التطوُّر والتعاقب، وإبراز الابتكارات، حيث يجب أن تحافظ أي مؤسسة على فاعليتها بشكل مستمر.. هذه الفاعلية تنبع من الطموح المرتفع الذي دائماً ما يوجد لدى الأشخاص الذين يطمحون لتولي المراكز الإدارية لإخراج ما لديهم من أفكار وطموح، وعندما تنفذ هذه الأفكار، وينتهي مخزون الطموح ويشعر الإنسان بالاستقرار وعدم الطموح إلى ما هو أعلى، في هذا الوقت عليه أن يسلم الراية إلى آخر لديه الطموح وينتقل هو إلى درجة المستشار أو الخبير، وهي درجة لها وجاهة ووقار وهي أعلى من أي درجة إدارية، إذا أصرّ الإنسان في بعض الأحيان أو الأوقات على الاستمرار رغم ضرورة تسليمه الراية، يؤدي ذلك إلى إدخال المؤسسة بكاملها في سبات عميق وتقليد وبُعد عن التطوير. ويسري ذلك على كافة العاملين بالمؤسسة، فيشعرون بأنه لا أمل من استمرارهم في بذل الجهد لأن ذلك لن يرفعهم إلى المراتب العليا التي يمكن أن يبدعوا فيها وفي النهاية تنتهي المؤسسة رغم أنها كانت في وقت سابق من أنجح المؤسسات ، ومن الأساليب الناجحة في تقوية الضبط الإداري، وأسلوب تدوير القيادات الإدارية، والذي استخدمه الخلفاء المسلمون على مرِّ العصور، وأثبتت النتائج إيجابيته في علاج الفساد الإداري، وكشف أية تلاعبات من قبل المدير السابق. وهذا مستخدم في الكثير من الشركات الكبرى وبعض الوزارات لدينا، ومن الأفضل ألا يطيل المسئول في المنصب القيادي حتى تتجدّد الدماء، وهو ما يُطلق عليه الآن بضرورة تداول المنصب، وتحديده بفترة معينة، وقد أقر أبو حنيفة – رحمه الله ولاية القضاء بسنه لسببين حتى لا ينشغل عن تحصيل العلم ولا يتعرض للفتنه والغرور . وكثير من المسئولين للأسف ممن تولوا مناصب قيادية كبرى تغيَّرت شخصياتهم 180 درجة، فبعد أن كان متواضعاً يعامل زملاءه وكأنهم إخوانه.. أصبح متعجرفاً يعامل الموظفين وكأنهم عبيد له بكل عنجهية وغرور وتكبّر.. وبعد فترة دارت الدوائر، وطار المنصب، وعاد المسئول يبحث عن الزملاء.. ولكنه لم يجد أحداً.. نعم.. ينسون أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده.. ولينظر هؤلاء إلى ما قاله الشاعر:
وتلك الأيام نداولها بين النــــاس فلا تغرَّنك الحياة بنعماء تلهيــك
كل نعماء تـــزول بضـــر وبــــأس وما تخفي الأيام من الشدائد يأتيـك
وتواضع إن التواضع خير لبــاس ولا تفخر بما لم تصنعه أياديـك
تواضع فكل مجدٍ يعقبه إفــلاس ولو دامت لغيرك ما وصلت إليـك
المحامي علي ابوحبله