لم تجف دموع من تباكوا على حرية التعبير ولا عرق من هرعوا من العرب والمسلمين ومن يطلقون على أنفسهم أنصار الحرية والانسانية ولم تخفت بعد عبارات التهديد والتنديد بمن أقدموا على هذا الجرم ولم يبقى أحد في الكون لم يدعوا الى حمل السيف ضد تلك الفئة الضالة عن مسيرة الانسانية السمحاء التي تصدح بها أوربا وأمريكيا وتعمل على نقلها الى شعوب العرب والمسلمين لكي ينعموا بالحرية والديمقراطية التي يعملوا بكل أدوات الشقاق والتدمير على جعل منطقتنا مستباحة لكل طروحاتهم التي تسهم بعودة أمتنا الى عصر ما قبل الجاهلية وكلنا نعلم والعالم يعلم بأن الاعتداء على صحيفة شالي ايدو لم يكن من باب الرغبة في القتل وسفك الدماء ولكن كان نتاج حالة الصمت التي مارسها العقلاء حينما تم الاعتداء من بعض المارقين الحالمين بالشهرة والراغبين بإعادة الحياة لصحيفة تعاني من حالة الانكماش والاندثار على حساب الاعتداء على سيد الخلق والمسلمين ,وهنا لو مارست الحكومات الاسلامية والعربية دورها المطلوب بالدفاع عن مشاعر المسلمين باستخدام كل الامكانيات المتاحة لهم ضد من يحالون أن يعبثوا بتلك المقدسات ما تركوا المجال لتلك الفئة التي تجد نفسها مطرة لهذه الافعال بكل تأكيد فحينما يصمت من يطلقون على أنفسهم بالعقلاء لابد أن نسمع صوت الجنون ,وبكل تأكيد حادثة شارلي وجدت لها ألاف المرجون والمعنفين والمنددين دون أن تلاقي أحدا من العرب والمسلمين من يقول كفى لهذا الاستهتار بهذه الامة ورموزها ,
وهذا يعيدنا قليلا الى عام 2001م حينما تم تدمير برجي التجارة في أمريكيا وبكل تأكيد وجدت أمريكيا ضالتها فيمن صنعتها وكان الدمار والخراب والقتل والتدمير والتشريد لشعبين مسلمين الافغاني والعراقي فكانت الحرب المدمرة لنقل الديمقراطية والحرية ومن يرى العراق وأفغانستان اليوم يعي ما هي ديمقراطية أمريكيا وأوروبا التي تنشدها لشعوب منطقتنا .
ولكن جريمة كارولينا ليست بجريمة إرهابية ولا ضد الانسانية ولا تخالف الشرائع التي يؤمن بها هؤلاء المجرمون ,لسبب واحد وحيد كون هؤلاء مسلمون والقاتل ملحد أمريكي لا يروق مزاجه لرؤية المسلمين فقام بالتخلص منهم ,كما أنه يعتقد بأن هؤلاء المسلمون قد يحملون جينات مناهضة للإنسانية التي تعيشها أمريكيا والتي تعتبر بلد الجريمة الاولى في العالم .
لقد غطت وسائل الاعلام الغربية والامريكية والعربية والاسلامية تلك الجريمة على استحياء وخجل وبعد أن وجدة نفسها أسيرة حملات الاعلام الجديد بعد انتشاراً (هاشتاق) هي "حياة المسلمين مهمة"، على غرار هاشتاق "حياة السود مهمة"، الذي انتشر بعد مقتل عدد من السود على يد الشرطة الأمريكية في الفترة الأخيرة.
كما انتشرت صور الضحايا الثلاثة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع بعض وسائل الاعلام مواكبة الحدث ولكن دون محاولة وصف هذا الفعل بعمل إرهابي وأن الدافع كان الكراهية ,بكل تأكيد كما حدث هذا التجاهل لشاب النيجري المسلم الذي أنقذ 27 يهوديا من القتل في نفس المكان الذي قتل فيه ثلاث يهود وفي كلا الحالتين الفاعل مسلم ولكن الاعلام الغربي أراد أن يثبت الصورة النمطية التي ترغب دوائر صنع القرار في هذه الدول تثبيته وهذه الصورة النمطية التي تجعل المواطن المسلم موطن اتهام وتبقي النظام العربي والإسلامي المرتجف محل تلقي لتعليمات تلك الحكومات الغربية والامريكية لتبقي على هذه الروافد من الشاب العربي والمسلم لبعة في أيدي أجهزة الاستخبارات الغربية والامريكية ليكون هؤلاء الشباب السيف المسلط على تلك الانظمة والشعوب لتشعرهم بحالة العجز ويتقدوا بأن التحالف مع أمريكيا وأوروبا فيه الخلاص ,في حين أن الخلاص لا يكمن ألا في جعل المواطن شريك في مقدرات وطنه وأن يكون العدل سيد الاحكام أن يعطى الانسانية حريته وقيمته الانسانية في وطنه.
بقلم/ نبيل البطراوي