هذا الانصياع الجماهيري لاكتمال فصول الملهاة الفلسطينية جد غريب وخطير وعندما يدرك الفلسطينيون تآكل الأمل الكبير في الخلاص من انقسامهم تبقى الوجهة نحو الحدث المنتظر واللحظة المهمة لسقوط المتسلطين.
مخطئ من يعنبر أن تتابع الصرخات المعزولة والنبضات المكتومة أمام توحش رد الفعل السلطوي الموغل في القمع هي أحداث عابرة في المشهد تتوارى كما تبدأ ويعود الصارخين لزوايا احباطهم لحياة باتت أقرب للموت في كل شيء.
ليس ثمة غير الجهلة يفكرون أن هؤلاء الشجعان من الفلسطينيين الصارخين لا يصنعون ثورة وأن في وسع الحكام كتم صرخاتهم كما تعودوا وحين يشاءون، إلا أن الثورة هي تراكم نبضات هؤلاء الشجعان لحين نضوج جماعة أو قوة منظمة لها برنامج وخطة وهدف تسير به وتبدأ ليس منفصلة عن النبضات المتباعدة بل لحظة القيام فإن هذه القوة المنظمة هي مسرعا لحركة تلك النبضات الجماهيرية لتنفجر الحالة في وجه الحكام دون امكانية للتصدى عندها لحركة المجتمع.
رغم أن احباطا كبيرا يفصل الجمهور عن مسرح التحرك للخلاص ورغم الحيرة لتأخر قوته المنظمة المنقذة مقابل حجم التشويش والقمع والاستقواء من أعداء النهوض ، فإن الحدث المنتظر واللحظة المهمة في حياة الشعوب تحد ث كما كل شعوب الارض قاطبة في لحظة غير منظورة أو متوقعة وهي تقترب بسرعة في فلسطين لمن لا يرى ولا يسمع ولا يتوقع.
الجماهير في فلسطين في نهاية مرحلة ازدادت حدة السمع والإبصار والصبر لديها بسبب الذل والانكسار من حكامها وحين تبدأ حركتها للخلاص منهم فهي تفقد السمع والإبصار بعد أن فقدت الصبر وأصبحت عمياء طرشاء في رحلة انتقامها من اليأس.
بقلم/ د. طلال الشريف