باراك أوباما قد يجمع 60 دولة في قمة لمكافحة الإرهاب في واشنطن، إلا أنه لن يحوّل الأنظار عن حقيقة أن الولايات المتحدة وإيران تقاتلان من خندق واحد في الشرق الأوسط، فبينهما حلف أو شراكة مع أن الشائع أن الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة في حلف ضد الإرهاب.
المحافظون الجدد في إدارة جورج بوش الابن، تركوا العراق ضمن دائرة النفوذ الإيراني، وكان الثمن ألوف الجنود الأميركيين ومئات ألوف المدنيين العراقيين. وهناك الآن حوالى ثلاثة آلاف جندي أميركي في العراق، وقوة عمليات خاصة تساعد الحكومة التابعة لإيران والأكراد في الشمال ضد إرهابيي الدولة الإسلامية.
الغارات الأميركية في العراق وسورية تخدم نظامَيْن تابعَيْن للنفوذ الإيراني، وكل غارة على مواقع «داعش» أو «النصرة» في سورية تفيد النظام في دمشق المتحالف مع إيران. هل يعرف القارئ العربي أن الطائرات الحربية الأميركية شنت حتى الآن حوالى ثلاثة آلاف غارة على مواقع الدولة الإسلامية، وهل لاحظ هذا القارئ مَن المستفيد الأول من هذه الغارات؟
في اليمن، الولايات المتحدة سحبت ديبلوماسييها وأغلقت سفارتها، إلا أنها أبقت وجوداً عسكرياً هو في الأساس لشنّ غارات بلا طيار على مواقع «القاعدة» في جزيرة العرب. وهكذا الحوثيون الذين تموّلهم وتسلّحهم إيران، يقلبون نظاماً شرعياً، فيما الولايات المتحدة تركز على أعدائهم من «القاعدة».
والولايات المتحدة تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، وأنا أعتبر حزب الله حركة تحرّر وطني ضد إسرائيل، وأرجو أن يعود إلى هذا الهدف الذي هو علة وجوده. اليوم، تقاتل الولايات المتحدة الأطراف التي يقاتلها حزب الله في سورية، وهي تعلم جيداً أنه على حلف لا يُفصم مع إيران. شخصياً، أتمنى أن يستمر إرسال أحدث الأسلحة من إيران إلى حزب الله، لتُستَعمَل في مساعدة الجيش والدفاع عن لبنان ضد دولة إرهابية مجرمة إلى جنوبه.
هل أقول إن على خلفية هذا الوضع كلّه يبدو أن الإدارة الأميركية غير مهتمة بالإرهاب في ليبيا، لأن إيران لا تهتم به فهو بعيد منها. وفي حين أن «داعش» في ليبيا والعصابات الإرهابية الأخرى تهدّد حلفاء الولايات المتحدة من أعضاء حلف الناتو في الشمال، فإن الإدارة الأميركية لا تتحدث تحديداً عن تحالف دولي لمكافحة الإرهاب في ليبيا، وهو حقيقي رأينا عليه مَثلاً هو ذبح المواطنين المصريين هناك وتوزيع فيديو يفاخر بالجريمة.
لا يكفي أن الولايات المتحدة في حلف غير معلن مع إيران ضد كل مصالح الدول العربية المتحالفة معها، فإدارة أوباما تقود ما يُعرَف باسم «الدول الخمس زائدة واحدة» في المفاوضات مع إيران على برنامجها النووي. وقد سرَّبت الحكومة الإرهابية في إسرائيل معلومات إلى الميديا، خلاصتها أن العرض الأميركي يترك إيران مع أجهزة طرد مركزي متطورة ومخزون كبير من اليورانيوم المخصَّب، ما يكفي لتنتج إيران قنبلة نووية خلال سنة إذا اختارت ذلك، وهذا بعد أن تكون العقوبات الباقية عليها قد رُفِعَت.
مجرم الحرب بنيامين نتانياهو سيلقي خطاباً في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس الشهر المقبل، ولا قضية عنده سوى وقف البرنامج النووي الإيراني كله، وتحريض الولايات المتحدة على شن حرب لمصلحة إسرائيل على إيران إذا لم تستسلم.
أيّدت دائماً وأؤيد اليوم برنامجاً نووياً عسكرياً في إيران، وأطالب تحديداً مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ببدء برامج مماثلة. عندما يكون الخيار بين إيران وإسرائيل، لا عاقل عربياً أو مسلماً يختار دولة الاحتلال والقتل.
أزعم أن الولايات المتحدة ستبيع العرب كلهم إذا توصلت إلى اتفاق نووي مع إيران، وهو رأيي الوحيد في هذه السطور، وأرى أنه يقوم على ما قدمت من معلومات أكيدة لا دفع لها.
جهاد الخازن
كاتب بصحيفة "الحياة" اللندنية