التغيير المتوقع لسياسة المملكة العربية السعودية تجاه الإخوان

بقلم: محمد عودة الأغا

أعلن يوم الجمعة 23/01/2015 عن وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ليتولى ولي العهد الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية.
فور تسلم الملك سلمان الحكم بدء سلسلة من التغييرات على هيكل الحكم، كان أبرزها تعيين وزير الداخلية محمد بن نايف ولياً لولي العهد، وأسند إليه رئاسة مجلس الشؤون السياسية والأمنية الذي استحدثه الملك.
كما عين الملك سلمان نجله الأمير محمد وزيراً للدفاع خلفاً له وكلفه برئاسة الديوان الملكي، وأسند إليه رئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ونظرً لما تمثله هذه التغييرات في هيكل الحكم، وطبيعة الأشخاص الذين كُلفوا بمفاصل الدولة الرئيسية، فإن سياسة المملكة الداخلية والخارجية ستتغير في بعض الملفات، وفي ملفات أخرى ستبقى على ما هي عليه.
فمن المتوقع أن تبقى سياسة المملكة النفطية كما هي، نظراً لاحتفاظ وزيري النفط والمالية بمنصبيهما، وبرغم من بقاء وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في منصبه إلا أن سياسة المملكة الخارجية مرشحة للتغير في ملفات مهمة نظراً لتنامي خطر التطرف الديني في دول الجوار، وسيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة اليمنية بدعم من إيران بصورة ظاهرة، وروسيا بصورة خفية، حيث أصابت سياسة المملكة النفطية البلدين بصدمة اقتصادية ربما تصل لمستوى الكارثة.
وحتى تستطيع المملكة التعامل مع الملفات الأمنية الإقليمية فإنها بحاجة لأدوات تناسب تحركها وطبيعة الأخطار المحيطة، فبرغم امتلاكها لقوة ناعمة متمثلة بدبلوماسية نشطة ومرموقة، مدعومة بقوة صلبة عسكرية واقتصادية إلا أنها تحتاج لأداة أكثر واقعية.
وجدت المملكة حاجتها لأداة التعامل المناسبة لدى جماعة الإخوان المسلمين، فبعد أن أعلنت السعودية في تاريخ 7 مارس 2014 حظر الجماعة والانتماء لها أو تأييدها، نجد بوادر انفراجة في العلاقات من خلال تصريح رأس الدبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عندما صرح بأنه ليس للمملكة أي مشكلة مع جماعة الإخوان المسلمين بشكل عام، غير أن المشكلة هي مع من يحمل في عنقه "بيعة للمرشد" على حد تعبيره، وفي هذا التصريح الذكي اخرج الفيصل المملكة من مأزق التعامل مع الإخوان المسلمين حيث ربط اعتراض المملكة على من يحمل في عنقه بيعة للمرشد، أي أنه يرتبط بقرارات مركزية تصدر عن الجماعة، مما قد يتعارض مع نظام البيعة المتبع في المملكة باعتبار الملك هو ولي الأمر.
لقد صب تلاقي المصالح بين قطر وتركيا والسعودية في ملفات مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي في صالح التقارب السعودي-الإخواني، بسبب العلاقات القوية بين قطر وتركيا من جهة وجماعة الإخوان من جهة أخرى، كما ساعدت ميزات وقدرات الجماعة في إقناع صانع القرار السعودي لضرورة التعامل معها، فانتشار ووسطية الفكر الإسلامي للجماعة القريب من الفكر الوهابي يعد الحل الأمثل للتطرف الفكري، كما يعد التواجد الجغرافي الواسع للجماعة في مختلف البلدان وخصوصاً اليمن الطريق الأمثل لعودة الاستقرار في المنطقة، فالجماعة تتكون صفوفها من الخبرات والكفاءات في مختلف المجالات الحياتية والعلمية، وإذا ما أضيفت لها مساحة من الرأي والدعم الرسمي؛ سينعكس ذلك على استقرار الأنظمة السياسية والحياتية للمواطنين.

محمد عوده الأغا – باحث في الشأن الإقليمي
[email protected]