أصبحت عناوين المرحلة المقبلة واضحة ويستطيع كل قاريء ومتعمق أن يقرأها حتى في عناوين المقالات وفي ما ينشر عبر التصريحات المختلفة، وهذه العناوين كتبت بريشة مغموسة في بقعة زيت، سرعان ما ستجد طريقها الى الاشتعال، كما هو حال المنطقة، وخاصة أوضاعنا الفلسطينية في ظل الحصار على قطاع غزة والاشارات التي ترسمها طائرات الاحتلال الحربية في سماء قطاع غزة، والتي تقرأ أنها إستعراض ما يسبق العدوان، وأيضا الحصار الاقتصادي على السلطة الفلسطينية، المتمثل في حجب أموال المقاصة ومنع تحويل حصة الضرائب الفلسطينية والتي تمثل واحد من أهم أجزاء الاقتصاد الفلسطيني؛ ويُعزي ما نمر به من ناحية الحصار الاقتصادي الى قُرب الانتخابات الإسرائيلية، وفي نفس الوقت ردا على طلب الفلسطينيين الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، وأي كانت الأسباب ، فإن ما تقوم به حكومة الاحتلال يجيز للفلسطينيين مقاضاة (إسرائيل) أمام هذه الهيئة ذات الصلاحية للنظر في قضايا جرائم الحرب.
تفجير الأوضاع ليس في مصلحة أحد، هكذا تنادي المؤسسات الدولية ذات الصلة، وحتى الإدارة الأمريكية تبدي قلقها المتزايد تجاه ذلك، والجميع يتجاهل الظروف والدوافع، وينتظر انتشار بقعة الزيت، والصاعق المفجر، وبعد ذلك يتم توسيع العدوان العسكري والسياسي والاقتصادي، ونسف كل مقدرات وأركان السلطة الفلسطينية، وستصمت الإدارة الأمريكية أمام تبجح المحتل، وستعقد اللقاءات ليتم التزوير الفاضح، ليتم الضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية، والمطالبة الفورية "بكف الأذى عن الإسرائيليين" وتقدم لائحة كاملة ضد كل ما هو فلسطيني، وسيلقيها الجلاد في وجه الضحية، والظالم في وجه المظلوم، والسجان في وجه السجين، وسيتسمر مسلسل المطالبة بعودة المفاوضات لأجل المفاوضات، والأسوأ ما يتم الآن هو المطالبة بالا تتقدم القيادة الفلسطينية بأي طلب لأي من المنظمات الدولية، والإبقاء على (الحكم الذاتي) حتى قيام الساعة.
إن ترجمة رسالة القرصنة الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، هي أنه يجب أن تقف القيادة الفلسطينية موقف الحياد أمام كل ما يجري ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وأنه يجب تقديم الأمن الإسرائيلي على الحق الفلسطيني.
هل المطلوب من السلطة الفلسطينية أن توافق على سياسة العنصرية الإسرائيلية وممارساتها العدوانية اليومية وعربدتها فوق الأرض الفلسطينية، وفي حال رفضت هذه المطالب الاحتلالية ، فلا بأس أن يُسمى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه يرأس "شعب الإرهاب الفلسطيني"، وأن يتهم شخصيا بأنه يمارس "الإرهاب الدبلوماسي" وأكثر خطرا من الشهيد الرمز الرئيس ياسر عرفات الذي تم وصفه بأنه يرئس عصابة إرهابية، وانه في النهاية ليس شريكا للسلام.
(إسرائيل) تجيد ممارسة سياسة املاءات القوة التي تشكل حجر الزاوية في الفكر السياسي لحكوماتها المتعاقبة، وتفترض أنه من غير المسموح للفلسطينيين الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الدولية الأخرى، لأنه تمارس الأسلوب العنصري الذي يلقي باللوم الاتهام ضد الفلسطيني، ولم تعترف مرة واحدة أنها أخطأت وحتى حين يتم الاعتراف سرعان ما تنتهي القضية دون أي عقوبات أو حتى مساءلة وكأن الأمر لم يكن، وهي تريد من القانون الدولي أن مطابقا للقوانين الإسرائيلية وعلى العالم - في نظر (إسرائيل) - أن يتفهم أسباب استخدامها الرصاص والقتل المباشر والوسائل العسكرية المختلفة، حتى ضد الاحتجاجات الشعبية والسلمية، وها هي تقوم صباح اليوم بهدم قرية "بوابة القدس" شرق بلدة أبو ديس، للمرة التاسعة على التوالي، ,وهذه القرية التي تمثل المقاومة الشعبية السليمة قد أقيمت قبل أسبوعين على أراضي تلة "خلة الراهب" شرق أبوديس، رفضا لمخطط تهجير وتوطين التجمعات البدوية، تمهيدا لتنفيذ مشاريع استيطانية على الأراضي الفلسطينيين.
ملاحظة : الأخ محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح يقول : اسرائيل تصادر من أرضنا شهريا 2000 دونم و تقيم على ارضنا شهريا 2000 مستوطنة شهريا ولا يمكن ان يستمر بهذا الشكل.
بقلم/ د. مازن صافي