المرأة ،،، والوردة وذكرى يومها

بقلم: آمال أبو خديجة

في كل عام هناك يوم يستذكره البعض أن للمرأة يوما تحتاج فيه للتكريم سواء من المؤسسات العامة أو الخاصة أو غيرها فيكون الموعد على حفل يوجد فيه بعض الورود أو كلمات ثناء من مسئول هنا أو هناك أو تدعيم لبعض المشاعر من دائرة تخص عمل المرأة أو غيرها .

المرأة الفلسطينية تضحياتها عظيمة على مر التاريخ فقضيتها ينبع من رحمها كل يوم نساء جديدات يثبتن للعالم معنى أن تكوني إمرأة تحت قيد الإحتلال فكيف بها تصنع الحياة من لا شئ بعد أن قيدت مسيرتها من كل جانب فهي تارة أم أو زوجة لأسير أو شهيد تقبع وحدها تحت سقف الألم تربي أبناءها وتسهر على راحتهم وتكفل لهم عيشاً كريما بقليل من عون يمد لها من هنا أو هناك وهي تارة أسيرة بين السجون والقضبان تصارع وحشة المكان وحدها وترمي على الجدران همومها وتستذكر تضحياتها عل صوت من خلف الحجارة يسمع أنينها وينطلق كالمعتصم ينجيها من ظلم التتار

وهي في ميادين العلم والعمل كثير من إبداعها ينطق فوق السحاب ليرسم للوطن صورة جديدة ترى فيها إمرأة عظيمة تحقق للأجيال القادمة نموذجا لحياة كريمة بذلت وقتها في صناعة أعمدته ليستقر المستقبل القادم في النفوس الحالمة لغد أجمل

فالميادين كثيرة لإمرأة علمت أن لها في هذا الوجود مكانة تصنعها بتضحياتها فبذلت الكثير لإثبات حقها بما تقدر وما تملك من قوة دون أن يؤثر ذلك على دورها الرئيس في الحياة التي جبلها الله عليه كأقدس الأدوار كأم تبني بيتها وتربي أبناءها فتكون صانعة الحياة بأولى خطواتها من مملكة عرشها إلى الميادين كلها .

المرأة لا يكفيها أن تقدم لها وردة أو يلقى لها خطاب يستذكر فضائل دورها فهي تحتاج لعمل جدي ترى أثره على الأرض فعندما تتميز في العطاء والإبداع ترغب أن ترى الإهتمام بإبداعها وتميزها وأن توضع لها المجالات والمكانة التي تليق بها لتخرج ما لديها من إبداع وقدرة على العطاء لا أن يتم محاربتها ونبذها وإبعادها عن مقدمة الرجال خوفا من تفوقها أو عدم مناسبة فكرها وأدائها مع مسؤول هنا أو هناك ، المرأة تحتاج إلى أن تصنع القرار وأن تشارك به فعلا وليس أن توضع كصورة عددية بين الرجال في الإجتماعات ثم يتجاهل رأيها أو يسخر منه في بعض الأحيان من نفوس ضعيفة لا تقدر عقل المرأة وسعة فكرها ، المرأة تحتاج إلى أن ترى الإنصاف مع غيرها من بنات جنسها أو من ينافسها من الرجال عندما تتفوق عليهم في الإنجاز فلا تقدم إمرأة أخرى لأنها من فصيل حزبي معين أو لوجود واسطة كبيرة تدعمها أو لأن علاقاتها بالمسئول وغيره أكثر قرباً وتأثيراً دون مراعاة لمدى القدرة على تحمل مهمات الأداء أو الخبرة والمعرفة في مجال العمل ، المرأة بحاجة أن تُرى كعقل مفكر ومبدع لا ينظر إليها كغريزة جسدية يطمع فيها من النفوس المريضة ، المرأة تحتاج إلى حقوقها في بيتها مع زوجها الذي يشاركها في صناعة الأسرة وتربية الأبناء والتخفيف عن أعباء بيتها وغير ذلك من حاجاتها ، المرأة بحاجة أن يسارع في منحها ميراثها عندما تستحق ذلك فلا يماطل في حرمانها أو إسترضائها بالبعض أو إعطائها ما لا يرغب من الرجال لتأخذه بقاياه النساء ، المرأة بحاجة أن تجد أمنها وسكينتها في كل مكان تذهب إليه في وقت كثر فيه البعد عن القيم والأخلاق الحقيقة التي تكرم به المرأة وتحترم ، المرأة بحاجة أن ترى العقوبة على من يعتدي عليها ويخطف عمرها وحياتها لا تقتل بحجة الشرف وغيرها ، المرأة بحاجة لحماية ثقافتها وتراثها الذي صنعته الجدات الماجدات لا يمسح عقلها بكثير من مفاهيم لا تناسبها .

للمرأة كثير من الأمنيات في يومها تتمنى أن ترى حقيقتها على أرض واقعها فيكفي أن ترى المرأة تطبيق حقوقها التي سنها لها الشرع الحنيف وما صاغه القانون لتنعم بوجودها سالمة من القهر والظلم ، فلا يعني ذلك أن المرأة لا تنال حقوقها إطلاقاً حتى الأن ولكن هناك ما زال الكثير مما تحتاج إليه المرأة كي تلعب دورها الحقيقي ويستفاد من فكرها وتطويره نحو البناء الفعال للمجتمع .

فهل في الحقيقة المرأة تكرم في ذلك اليوم لتدعم معنويا نحو العطاء والبذل والمشاركة في الحياة أو يكتفى بذلك التمثيل المسرحي كل عام أننا قمنا بتكريم المرأة ولا ننسى منحها إجازة في ذلك اليوم العالمي لتظن أن هناك من يفكر فيها لينصف حقوقها ويرفع مكانتها ويدعم إنتاجها ومسئوليتها إتجاه مجتمعها وفي اليوم التالي لا ذكرى لها .

المرأة الكريمة لا تسترضى بوردة حمراء أو صفراء ولا بإبتسامات لمسئول قدمها أخيرا في ذكرى يومها فهي أكبر من ذلك لأنها الشريكة والمكملة للمجتمع فكيف لا تنال ما تستحق من احترام وتقدير ومساهمة فعالة في البناء والعطاء لا تخدع بصور وهمية أو فعاليات براقة أو مشاريع مسمومة من دعم خارجي لا يريد لها أن تكون كما يجب أن تكون إمرأة أصيلة العرق والمنشأة تولد بيدها معول التضيحات والبذل كما يولد الرجل أيضا .

بقلم/ آمال أبو خديجة