اسمحوا لي في البداية ان اهدي هذه المقالة إلي كل مناضلة وثائرة حقيقية ارادت لهذا الشعب ان ينتصر ارادت ان يعلم شعوب العالم ديمقراطية الثورة باسلوب عصري ويعيد بوصلة الثائرة الى اتجاهها الصحيح ويعيد اليها مقومات النضال الحقيقي لاسترداد حقوقها الضائعة باسلوب متحضر وجديد ، ومن دواعي فخري ان اكون ابن لهذه المرأة واخ وزوج وأب سأبقى مخلصا وداعماً الى رائدة العالم العربي وزهرته وعنوان صموده , امرأة تزداد يوماً بعد يوم نمواً وفكراً وثورةً وتقدماً وازدهاراً وعنفواناً ..
أمّا فيما يخص المرأة الفلسطينية وتاثيرها على الثورة الفلسطينية وواقعنا الفلسطيني والعالم العربي باسره كان حلماً لم يتوقعه احد وانا من جيل مفعما بالأحلام يعرف جيّداً مكارم أخلاق نسائنا وتاج رؤوسنا . انا رجل عايش مراحل ومرارة النكبة وايضا عايش مرحلة النهوض ومرت ايضاً عليه مراحل الاحباط الاليم كانت فيها المرأة العنوان الوحيد مفتاح الصمود . عنوان العزة والكرامة ومفتاح الإستمرارية وقانون البقاء …
نعيش الان لحظة الشرارة التي ربما تحرق السهل كله وسنتابع ايضا تكملة المشوار ومعا وسويا الى ان يبزغ النهار . نحن كفلسطينيين عشنا لحظات ربيع فلسطيني تحت مسمى الانتفاضة سواء كانت الاولى او الثانية واستهدفت من حيث مبادئها تحقيق الاستقلال، وقيام الدولة الفلسطينية كانت عناوينها البارزة مساندة المرأة زوجة وأم وابنة واخت ، وعندما اشتعلت الانتفاضة تلو الانتفاضة راهن الكثيرون علي أن المرأة ستكون العائق أمام استمراريتها لكنها استمرت 6 سنوات كاملة، ولولا الانتفاضة ولولا المرأة الفلسطينية لما أُجبرت اسرائيل علي التفكير في حلول ثنائية ومساومات خادعة اخرى …
كنّا في زمن غير بعيد ندور بين رحي معسكرين عربيين الاول هو معسكر «مايسمي» بالاعتدال، والثاني معسكر مايسمي المقاومة والممانعة وفي الحقيقة كان المعسكران وجهين لعملة واحدة تفسد العمل الفلسطيني النضالي وتحد من نشاط الرجل والمرأة على حد سواء .. حقيقة كان معسكر الاعتدال بقيادة أنظمة ديكتاتورية كانت مجرد وسائط اسرائيلية امريكية للضغط علي الطرف الفلسطيني، وكان معسكر الممانعة نظاما سوريا ديكتاتوري جبار يتستر تحت لواء المقاومة وهو في الحقيقة لم يطلق رصاصة واحدة علي «اسرائيل» والممانعة خطاب زائف يستقطب به عواطف الجماهير .
وما حدث في تونس وتلته مصر واليمن ويحدث الان في سوريا ما هي إلا بدايات ثورة مستمرة لن تكن لها قيمة الا اذا صدرت عنها ثورات لاحقه متلاحقة ومتتابعة ليصل امتدادها المعنوي والعسكري الى ربوع ارضنا الحبيبة فلسطين ، والمهم أن تظل هذه الثورات شعبية حرة طليقة خارج نطاق الزعامات والايديولوجيات والنخب الجاهزة والمستورده ….
الكلام عن المخططات والاهداف لم يعد لها محل من الاعراب بعد تلك المتغيرات ، لأنه كلام يفترض أن يمتلك قيمة أخلاقية لكون المرأة هي الثائرة والمثقفة والاعلامية والقائدة ، وهي صاحبة الاستمرارية والنجاح ، بعدما شاهدنا المرأة العادية تكتب بدمها نَصّ الثورة وتبتدع بطولاتها. وفي رأيي فإن المثقفة والاعلامية والسياسية الفعلية هي المرأة المهمومة بالشأن العام وشؤون الأسرة أولاً ، والقضايا الوطنية، وهي صاحبة التظاهر على الارض وصاحبة التضحية بزوجها وولدها …
رغبات وطموح المرأة في الحريًة والمساواة في ظل المتغيرات العربية والفلسطينية اصبحت اقرب الى التحقيق امّا الحلم الفلسطيني اصبح بعيد المنال ان لم نقل مستحيلا وكل ما تفعله دول الغرب وعلى راسهم امريكا للقضية الفلسطينية الا مضيعة للوقت وهنا اقول ان الاحلام لا تموت و الشعوب عندما تمتلك ارادة الحلم لن تهزم ابدا طالما فيها نساء أمثال دلال المغربي وأمثال اسيراتنا في المعتقلات الصهيونية . فلسطين ستنتصر باسمكُنّ وباسم التاريخ والجغرافيا و الديموجرافيا وباسم ثورتكن انتنً ، وسنرى دولة قوية لا دولة تحلم فقط بالبقاء. فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياه، كما يقول درويش...
إن أهم منجز للحلم الفلسطيني الذي يتشكل الآن هو أن الشعب الفلسطيني عاد إلى نفسه ، ولم يعد ممكنا نفيه أوإقصاؤه بعد الآن. ولن ينجح هذا الحلم إلا بالوعي الذي تقوم المرأة ببنائه في الأجيال القادمة ولأن الحلم يبدأ بلحظة اللّا وَعيْ ثم يشكل تدريجيّاً ويتحول من حالة الأحلام إلى حال التحقق بسلاح الوعي والإرادة والإصرار. وهو ما أراه يتحقق عربيا وفلسطينيا…
المرأة الفلسطينية اليوم حاضرة بقوة على الخريطة السياسية والتي هي في بداياتها لذا وجب العمل اليوم على تفعيل وتطوير تلك المشاركة وترسيخ مبدأ الشفافية وتعزيز النقد والنقد الذاتي والاستفادة من الاخطاء والتهميش الممنهج ضدها بما يسمح بتعميق وحدتنا الوطنية والعربية
الكل العربي بشبابه وشيبه مدعو للمشاركة في ورشة عمل لتطوير اشكال المقاومة بانواعها في مواجهة عدو متغطرس . على أية حال من المبكّر الجزمُ او التكهن في شأن تأثير الثورات الشعبية على المرأة الفلسطينية وقضيّتها وحركتها الوطنيّة، لكنْ يمكن التأكيد أنّ العمل الوطنيّ الفلسطينيّ بعد هذه المتغيرات لن يكون كما قبلها.…
ان ما حدث في وطننا العربي كان مفاجأة غير سارة للمرأة العربية الامر الذي افقدها زمام المبادرة ولم يسعفها الوقت لنصرة كنزها الاستراتيجي عائلتها الصغيرة والكبيرة مما جعلها في الكثير من الأحيان تنافق وتجاري المتغيرات علًها تستطيع استعادة مواقعها في تلك الدول إنّها عملية الهروب من تلك المآسي ،
واخيرا اريد القول لسيدتي وتاج رأسي , المرأة , إن خسارة معركة في كثير من الأحيان, هي مفتاحك سيدتي الى ربح الحرب ….
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي