لما سُئل أحد الجلساء عن رأيه في الاحتفال بيوم المرأة العالمي ..قال وهل للمرأة مكانة مرموقة إلى هذه الدرجة.. للاحتفاء بها ..المرأة في نظره ..كما يقول ما هي إلا صورة تجميلية في حياتنا ..مثل الشماعة أو التليفون أو كحامل المكواة ..أو كفرشاة منظف السجاد .. هي مجرد لوحة بلا ملامح ..!! رد عليه صديقه.. يا عزيزي دعك من تلك النعرة التزمتية المتخلفة ..كن عطوفا ..محبا ..حنونا بالمرأة ..فهي سر جمال حياتنا ،وإبداعاتنا .. ولولاها لكانت الحياة أشبه بصحراء قاحلة ..موحشة .. ضحك ذاك الجليس ضحكة ساخرة وقال .. لم يبقى إلا أن تقول لي.. لولا المرأة لصارت حياتنا أشبه بنهرٍ ليس له شطئان ..يبدو انك تأثرت كثيرا يا أستاذي ب"بقاسم أمين "..!! ابتسم صديقه قائلا ..وهذه من الأخطاء الشائعة ،والتي لا زلنا نتداولها بألستنا إلى يومنا هذا .. لم يكن قاسم أمين أبدا ..محررا للمرأة لا هو ولا غيره وإن ألف كتاب " تحرير المرأة "..فليس معنى ذلك أنه من أشهر الذين نادوا بتحرير المرأة ..رغم التحفظ على مفهوم الحرية عنده ومعنى الحرية التي تتفق مع تعاليم عقيدتنا الإسلامية ، وإنما ما بلغه من صيت ٍ شائع ٍ لأن للحرية عنده تعانقت مفاهيمها مع مفاتيح الشيطان عبر قواسم مشتركة ..يعني الذين دعموه هم ، أعداء الإسلام ،وهم الذين جعلوا لشذوذ فكره مكانة ،وإلا..هل يُعقل عندما يتحدث في كتابه عن الحجاب أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام ،و أن الدعوة للسفور "أي ترك الحجاب والتخلي عنه " ليست خروجا عن الدين وقال وقال ...إلخ من الأباطيل التي ما انزل الله بها من سلطان ، مرضاة للذين دفعوه لذلك من الشياطين..شياطين الإنس من عرب ٍ أومن عجم ٍ مقابل مبالغ زهيدة أو لنيل ِ شهرة ٍ عابرة ما لها من قرار .. ولا يمكن لمثل هذه الأشجار الخبيثة أن تنبت أو تثمر لطالما ، لا ورق لها ولا عروق في الأرض ..وإن أثمرت تكون خبيثة الثمرة..!! إن قاسم أمين هو وأمثاله الذين أيدوه وباركوا فكره أمثال الشيخ محمد عبده، وسعد زغلول وأحمد لطفي السيد أولئك الذين كان لهم الفضل في تمزيق المرأة للحجاب ،وخروجها عارية من بيتها ..ومزاحمة الرجال واختلاطها بهم بكل جرأة دون حدود أو قيود ..إذا إنهم جميعا ..إنما أرادوا أن يقولوا كلمة حق لكن يراد بها باطل ، وضياع وتفتيت وانسلاخ لأخلاقيات الأمة الإسلامية بأسرها.. لأنه عندما تتعرى المرأة و تسقط أخلاقياتها حينها فقط .. تسقط الأسرة بكاملها وتهوي إلى الهلاك وبحور الخطايا ..وكيف لا والشاعر أحمد شوقي وصف المرأة الأم والزوجة والأخت والابنة بكلمات دقيقة موجزة ومعبرة..كلمات رائعة من ذهب حيث قال أمير الشعراء رحمه الله :
الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق
فإذا انهارت المدرسة في مجتمعنا العربي أو الإسلامي.. فهل يمكن أن يكون هناك مصنعا للرجال أوأي بناء للمستقبل ..؟!!
وفي ديننا الإسلامي الحنيف الذي هو دستور حياتنا ،هو أن المرأة منبت البشرية ومنشئة أجيالها فيقول الله سبحانه : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " قاطع ذاك الجليس صديقه بعدما أحس بالتحرج وتلعثمت شفتاه ،فلم يعد يقدر على الرد.. لكنه أيضا أصر على العناد ِوالجدل من جديد ، فقال إذا من الذي حرر المرأة من وجهة نظرك ؟!! قال له صديقه ..بكل بساطة أن الإسلام يا سيدي ، هو الذي حرر المرأة بفضل ،ومنة من الله سبحانه أليس في قول الله تعالى : "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " أليس هذا تكريما للمرأة ،وعلو شأن لها ولمكانتها .. وفي الحديث عن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا, وخياركم خياركم لنسائهم)) رواه الترمذي..أليس في حديث سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمرٌ بحسن معاملة النساء حين قال صلى الله علية وسلم :" استوصوا بالنساء خيرا.."إلى آخر الحديث ..وما أن أنهى كلامه وإلا رن هاتف ذاك الجليس ،وإذ على عجالة يرد بصوت رقيق وبصورة غير التي كان عليها ،وكأنه ليس هو حيث قال.. حاضر ياحياتي لن أتأخر عليك ِ ..ثم همس بصوت ٍ خافت قبل أن يغلق المكالمة قائلا ..وحشتيني ..!!
بقلم/ حامد أبوعمرة