ويل فلسطين لو فاز المعسكر الصهيوني

بقلم: فايز أبو شمالة

يا ويل فلسطين لو أسقط الإسرائيليون نتانياهو، وفاز بالانتخابات قادة المعسكر الصهيوني إسحاق هرتسوغ، وتسفي لفني، اليهوديان اللذان يرتديان تاليت الصلاة الأبيض ليسترا فيه عورة الإرهاب الإسرائيلي والاستيطان اليهودي القاني.
يتميز نتانياهو بوضوح الرؤية فيما يخص مستقبل الدولة العبرية، ويعبر بجلاء سياسي عن أحلام اليهود الدينية، وعن حقهم التاريخي بالأرض العربية، وهو يزاحم المتدينين المتشددين في إدعائهم بأرض إسرائيل الكاملة، ويزاحم المتطرفين اليهود في دعواتهم لمزيد من التوسع الاستيطاني، بل وينادي نتانياهو بعودة كل اليهود إلى أرض الآباء، كما يدعون.
ولا يتردد نتنانياهو في الإعلان عن مواقفه السياسية الرافضة لفكرة قيام دولة فلسطينة، والرافضة للتخلي عن السيادة على الأرض المحتلة سنة 67، والرافضة لفكرة تسليم شبر من القدس للمسلمين، والرافضة لفكرة التخلي عن السيادة على غور الأردن، والرافضة لطرح فكرة إخلاء المستوطنات، وإيجاد أي رابط جغرافي بين مدن الضفة الغربية.
نتانياهو لا يظهر موافقته إلا لقيام سلطة حكم ذاتي على المدن الفلسطينية، مع تحسين حال الفلسطينيين اقتصادياً، وتسهيل تنقل المسئولين الفلسطينيين عبر المعابر والحواجز، ولا يوافق إلا على استئناف المفاوضات دون شروط، ومقتنع أن تحرير ما ظل من أرض بين إسرائيل لا يتم إلا بمزيد من التنسيق الأمني، والتعاون المشترك مع سلطة فلسطينية، يمثل وجودها ممراً أمناً لتحقيق الأهداف اليهودية.
أما قادة المعسكر الصهيوني، خصوم نتانياهو السياسيين، فهم أقل إشهاراً لمواقفهم الاستراتيجية، إنهم يخفون قناعتهم بكل ما يطرحه نتانيهو خلف كلام معسول عن التعايش بين الشعوب، وهم أكثر تشدداً منه في حق اليهود بأرض إسرائيل الكاملة، ولكن من خلال السيطرة بهدوء على الارض، وقطع العلاقة بين الإنسان الفلسطيني وتاريخه، وهم أكثر من نتانياهو قناعة بحق اليهود بالعودة إلى أرض الآباء، ولكن بالتدريج، وبقدر ما تستوعبهم الدولة، والمعسكر الصهيوني مقتنع بعدم التخلي عن شبر من أرض إسرائيل كما يدعون، ولكي يتحقق ذلك لا بد من الظهور بمظهر المحب للسلام، والعاشق للمفاوضات، والجاهز للتخلي عن تاريخه من أجل التعايش السلمي، لذلك فالمعسكر الصهيوني يبدي حرصاً على إيجاد رابط بين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، يهدف إلى تسهيل حياة الفلسطينيين بما يمكنهم من ممارسة طقوسهم السياسية بحرية، فلا بأس أن يكون لهم بساطاً أحمر، وحرس رئاسة وضباط مخابرات، ولا بأس من تدفق المساعدات الخارجية للفلسطينيين، مع تعزيز الروابط بين سكان الأردن وسكان الضفة الغربية، وتعزيز التواصل بين سكان قطاع غزة وأرض مصر العربية.
لدقة المشابهة بين مواقف الأحزاب اليهودية في إسرائيل قلت: يا ويل فلسطين من المعسكر الصهيوني الذي سيلتقي في مفاوضات مطولة مع معسكر التنسيق الفلسطيني وسط زفة إعلامية، تلبس أثناءها إسرائيل ثوب السلام، وهي تزف إلى طاولة المفاوضات بعيون كحيلة، وقد بدت عليها علامات الخجل من ماضيها اليميني المتطرف.
رئيس جهاز الموساد السابق مائير داجان أدرك ذكاء الطرح السياسي للمعسكر الصهيوني، حين قال: إن سياسات نتنياهو مدمرة لمستقبل وأمن إسرائيل، ونحن في حقبة مصيرية تؤثر على مستقبلنا وأمننا. مائير دغان يعرف أن المعسكرين المتنافسين لا يختلفان إلا في طريقة التعبير عن الرؤية السياسية المشتركة.
وللتأكيد على غفلة الفلسطينيين الحالمين باستئناف المفاوضات، وتغير الحال مع فوز المعسكر الصهيوني، لا بد من الإشارة إلى المشروع الذي قدمته رئيسة لجنة الداخلية في الكنيست، النائبة ميري ريغيف من حزب "الليكود" بالاشتراك مع النائب يحيائيل بار من حزب "العمل". ويقضي مشروع القانون المزمع طرحه بـحرية العبادة لليهود في المسجد الأقصى في القدس، كما هو الحال في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
إنهم واحد في الرؤية وإن اختلفوا في التسميات، وفي طريقة تحقيق الأهداف.

فايز أبو شمالة