بعيدا عن المناكفات ، مصر هي الحصن العربي الأخير لشعبنا وقضيته

بقلم: أكرم أبو عمرو

كثيرة هي المطبات التي اعترضت طريق العلاقات المصرية الفلسطينية طوال تاريخها الطويل ، لكن سرعان ما تم تجاوزها لتأخذ هذه العلاقات مسارها الطبيعي التي فرضته عوامل التاريخ والجغرافيا ، نعم فمصر هي قدر فلسطين كما أن فلسطين هي قدر مصر ، ما يدفعنا إلى هذا القول هو ما نشرته وسائل الإعلام اليوم حول قيام الحكومة المصرية بالطعن على حكم محكمة الأمور المستعجلة القاضي باعتبار حركة حماس حركة إرهابية ، الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الفلسطينيين، واعتباره مفصلا خطيرا في تاريخ العلاقات المصرية الفلسطينية .
نعم لقد شهدت العلاقات المصرية الفلسطينية حالة من الشد والجذب منذ نشوب الثورة الشعبية المصرية يوم 25 يناير 2011 ، انبرى فيها العديد من الإعلاميين والكتاب وبعض الشخصيات التي اعتادت ارتياد الصالونات السياسية والفضائيات لمحاولة شيطنة الفلسطيني ووصفه بأبشع الأوصاف، واعتباره احد الأسباب الرئيسية فيما تواجهه مصر من مشاكل مختلفة ،واشتدت هذه الحملة بعد ثورة إل 30 من يونيو 2013 ، متجاهلين طبيعة العلاقة التاريخية والاجتماعية والاقتصادية بين الشعبين الشقيقين ، حيث امتزج الدم المصري بالدم الفلسطيني في أكثر من مكان وعبر التاريخ على ارض فلسطين ومصر .
نعود إلى قرار الحكومة المصرية بالطعن على الحكم الصادر عن المحكمة المصرية السابقة الذكر ، وهو حكم ناتج عن حالة العلاقة المصرية الفلسطينية السائدة في هذه الظرف، والتي أعقبها حملة من التحريض وصلت إلى حد دعوة الجيش المصري إلى ضرب غزة ، في الحقيقة لم ننظر إلى هذه الحملة بشيء من الاهتمام ، وذكرنا في بعض منشوراتنا على صفحة التواصل الاجتماعي ، بان حكم المحكمة لا يعدو كونه أكثر من حكم ابتدائي من محكمة ولا يمثل سياسة دولة ، إلا أن هذا الحكم اعتبر من كلا الطرفين الفلسطيني واقصد هنا حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية ، والبعض المصري من الإعلاميين والكتاب ، وكان القيامة قد قامت ولم تقعد ، من الجانب الفلسطيني كان حكم المحكمة بمثابة ضربة كبرى توجه للمقاومة وتاريخ النضال الفلسطيني ، ومن جانب البعض المصري أن هذا الحكم نهائيا ويجب على الجيش المصري توجيه ضربة عسكرية قاصمة لقطاع غزة ، وهنا يتساوى الشعب الفلسطيني وإسرائيل في نظرهم .
أن قرار الحكومة المصرية بالطعن على الحكم السابق ، يدل بشكل قاطع رفض الحكومة المصرية أو بمعنى مصر الرسمية لهذا الحكم ، وكما صدر قضائيا يجب اسقاطة قضائيا أيضا ، وفي هذا الفرار في اعتقادي درسا أو دروسا يجب أن نتعلمها نحن الفلسطينيون منها :
- عدم التسرع في الاتهامات والانتقادات الحادة عند صدور أي قرار من أي جهة مصرية ، لان الاتهامات والانتقادات الحادة وما يصاحبها من عبارات التخوين والتجريم من شانه تعكير صفو النفوس ، وتكوين ردات فعل ربما تكون غير محسوبة جيدا .
- عدم الانجرار وراء ترهات بعض إعلاميي الفضائيات في مصر لأنها قذ تكوم مقصودة للاستفزاز وتكوين لوبي مصري عدائي ضد شعبنا ما يعكر صفو العلاقة الراسخة بين الشعبين .
- لا بد من المعرفة التامة عندما نقف عند حدود مصر أننا أمام اكبر دولة عربية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معني ، دولة لها هيبتها وقوتها وتاريخها الطويل ، دولة تصدت لعدونا المشترك وفقدن مئات الآلاف من أبنائها شهداء في صراعها معه ،
- من حق الدولة المصرية ممارسة سيادتها على أرضها والحفاظ على هيبتها وأمنها واستقرارها وحماية مواطنيها ، ونحن من مصلحتنا السابقة والحالية والمستقبلية أن تنعم مصر بالهدوء والاستقرار والأمن والنماء ، بل أرى من واجبنا التاريخي والجغرافي الأخوي مساعدة الإخوة في مصر للحفاظ على مصر قوية منيعة ففي قوتها ومنعتها قوة لنا .
- أن مصر الشقيقة وشعبها العربي الأبي لن يقدموا أبدا على ايذاء قطاع غزة ، تما ما كما لن يجعل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من مصر عدوة له ، كيف وهناك صلات دم و قرابة بين الشعبين فعشرات الآلاف من المواطنات المصريات متزوجات من فلسطينيين وهؤلاء أصبح لهن أبناء وأحفاد أي أن الآلاف من الفلسطينيين لهم من الاخوال والخالات وأبناء الخال والخالات من المصريين وكذلك بالنسبة للمصريين في فلسطين .
إننا وإذ ننظر إلى قرار الحكومة المصرية بالطعن عل الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة خطو في الاتجاه الصحيح ، وبداية لعودة العلاقات المصرية الفلسطينية إلى مسارها الطبيعي ،وإذ نأمل إصدار حكما جديد بإلغاء ما صدر ، فإننا نأمل من الحكومة المصرية الإيعاز إلى بعض وسائل الإعلام للتوقف عن التحريض ضد الفلسطيني ومحاولات شيطنته ، في الوقت الذي ندعو فيه البعض الفلسطيني احترام إرادة الشعب المصري والتوقف عن كل ما يسيء لهذه العلاقة ، فمصر ستبقى هي الحصن العربي الأخير لشعبنا وقضيته .
أكرم أبو عمرو
11/3/2015
-