بعد ان أوردت في مقال سابق كان عنوانه " لن يجرؤ حكام مصر على ضرب غزة" والذي تحدثت فيه، أن وسائل الاعلام المصرية قد مارست فصول من البروباغندا الاعلامية التي سبقت الأحكام القضائية التي صدرت بحق كتائب القسام وحماس، والتي كان أخرها الحكم الصادر في 28 فبراير الماضي، الذي يدين حركة حماس بالضلوع في "أعمال إرهابية" داخل الأراضي المصرية، وقد وصفت في المقالة السابقة كل ما صدر عن المحاكم والاعلام المصرية بانه عبارة عن فرقعات إعلامية في الهواء ليس الهدف منها ضربة غزة بل الهدف منها جعل المقاومة خاضعة لجميع شروط السلطة الفلسطينية والتخلي عن المقاومة وحتى يكون لمصر العديد من المبررات لمواصلة حصار غزة ولإجبارها على الخضوع للكيان الصهيوني وإجبار حركة حماس على خوض معركة جديدة واستئناف اطلاق الصواريخ واعطاء نتنياهو مبرراً لقتل المزيد، ورد الاعتبار لجيشه الذي انهزم على تخوم غزة ليس إلا.
بالأمس تناقلت وسائل الإعلام وبشكل سريع خبر يفيد أن الحكومة المصرية ممثلة في هيئة قضايا الدولة قد قدمت طلب طعن على الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة الذي يصف حماس بأنها حركة إرهابية، إن هذا الإجراء الأخير الذي أقدمت عليه الحكومة المصرية وكل ما سبق ذلك من قرارات وإجراءات والتي كانت مسيئة بحق حركة حماس جلها كانت لتتويج وترجمة غاية يريدها النظام المصري.
وبعد أن تم استعرض أهداف الإجراءات الإعلامية والقضائية المسيئة إلي حماس، نستطيع أن نستنبط غاية النظام المصري التي بدأت تتبلور في ذهن النظام تحديداً بعد العدوان الأخير على قطاع غزة وما تربت عليه من انتصار للمقاومة، وبالتالي أدى الانتصار العسكري والصمود الأسطوري للقطاع وعدم ركوع المقاومة أما دولة الاحتلال أدى إلى أحدث صدمة داخل النظام المصري وغيره من الأنظمة التي كانت تراهن وتعول على تفكيك وتدمير بل أن حماس والمقاومة ستخرج ميته من هذا العدوان الشرس، لكن جاءت الرياح بما لم تشتهي السفن.
أن نتائج العدوان التي تم استعراضها مسبقاً بالإضافة إلي تقبل حماس الإجراءات المصرية الصارمة ضدها سواء من قضاء أو إعلام أو حصار دون أن تحيد عن مصارها وهدفها ومنهجها وبقائها صابرة وثابتة بل كان صمتها وحديثها في نفس الوقت مدوي للجميع، أدى ذلك إلى تغيير الغاية المصرية السلبية إلى غاية إيجابية لكنها مخفاة وهذه الغاية جاءت مخالفة ومعاكسة لما كان يخطط له النظام المصري، بالتالي تقطعت السبل أمام النظام فلم يجد سوى غاية واحدة وحيدة وهي " تقبل حماس كجارة لمصر وليست عدوة أو إرهابية" وهذه الغاية لم تأتي صدفة بل بعد دراسة وتخطيط مدوس وقياس حجم وإبداء مرونة من كلا الطرفين ومغازلة إعلامية وهذا يقودنا إلى أن النظام المصري قد اختار الغاية الصحيحة لكنه أخطئ في الوسيلة.
بقلم/ أ.عبد الرحمن صالحة