تعد الحقوق والحريات الأساسية، والمعترف بها دستورياً وتشريعياً من أساسيات حياة الإنسان التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، ولولاها لكانت حياة الانسان أشبه بلعبة متحركة في أيدى الاطفال، لذا تسعى الدول الديمقراطية الى كفالتها وحمايتها وتنظيمها، والحقيقة القائمة أن الحق والحرية أصبحتا تعبيرين متلازمين ومترادفين، فكلاهما يرتد إلى طبيعة واحدة، وهى إمكانية ممارسة الشخص للنشاط الذي نص عليه الدستور، وخير دليل على ذلك أن الفقه والدساتير المعاصرة مثل الدستور المصري الجديد والقانون الأساسي الفلسطيني قد استخدم عبارة الحقوق والحريات العامة كمترادفين، ولم يميز بين ما يعتبر حقاً وما يعتبر حرية.
وتبقى الاجتهادات قائمة في تحديد طبيعة العلاقة بين الحق والحرية، إلا أن كلاهما يعطى لصاحبه صلاحية ممارسته باختياره، ولهذا تعتبر الحرية حقاً، فبالنسبة إلى الحق في التعبير فإنه حق دستوري تلتزم الدولة بتوفيره، إلا أن صاحبه يملك حرية تحديد مضمون هذا التعبير، ومن ثم فإن الحريات تندرج تحت مفهوم الحقوق، وتتميز في قدرة صاحبها على اختيار منهج معين في ممارسة بعض الحقوق تحت مظلة الحماية القانونية، لذلك فإن الحق والحرية يرجعان إلى طبيعة واحدة، وعليه أن الحرية مفهوم ملازم للحق ولا يمكن فهمها من دونه؛ لأن الحرية تعني وجود حق مسبق، وبمعنى آخر إن مفهوم الحق أشمل من مفهوم الحرية، فالحرية هي جزء ونوع من الحقوق يمكن التقاضي بها شأنها شأن حقوق الإنسان الأخرى.
وباعتقادي أن الحق انفراد واستئثار بموضوع الحق ومحله، أما الحرية فهي المكانة العامة التي قررها الشارع للأفراد على حد سواء، لذلك يصعب إمكانية الفصل بين الحقوق والحريات كون الأخيرة هي الجوهر الأساس للأولى، كما أن تعبير الحريات العامة يستخدم للدلالة على حقوق تتولى السلطات العامة تنظيمها وفرض الالتزام بها، ولما قد أشار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م إلى الحق في حرية التنقل والحق في حرية التفكير والضمير والدين، والحق في حرية الرأي والتعبير، وأيضا في العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرين عام 1966.
فالحق والحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة، وعلى الدولة أن تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لممارستها، لذا على الانسان أن يتمتع بحقوقه وحرياته الأساسية غير قابلة للتجزئة، وأن جميع الحقوق يجب أن تتمتع بنفس القدر من الحماية في الدستور، وتكون مكفولة وقابلة للإعمال على قدم المساواة وتكون في متناول الجميع دون تفرقة لسبب ما أو لمركز اجتماعي ما، فالحقوق والحريات مستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنساناً، ولا يجوز للدولة فرض القيود عليها بحجة فرض النظام العام إلا في إطار ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية، ولا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه، وأن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق والحرية، وكل تقييد لحرية أو حق أساسي تبرره المصلحة العامة يجب أن يخضع لرقابة القضاء، ويجب على الانسان أن يناضل بشكل مستمر من اجل الحريات والحقوق الأساسية مهما كانت الدولة وأينما وجدت، وأن لا تخدعكم المظاهر الشكلية بمجرد الدعوة لتطبيق الديمقراطية، فان الحريات والحقوق يجب أن تكون مضمونة الممارسة وتوفير الحماية لها بشكل تلقائي .
بقلم/ رمزي النجار