نتنياهو و السيناريو القديم الجديد

بقلم: مازن صافي

لقد كان لصعود اليمين الإسرائيلي الى السلطة في حزيران 1996، البداية الفعلية لنكوص (إسرائيل) عن الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت دخلت العملية السلمية في مأزق الجمود حتى تدحرجت الأمور إلى الهاوية، لقد اعتبرنتنياهو الفائز في الانتخابات آنذاك أن اتفاقية أوسلو كارثة .

مرة أخرى يختار نتنياهو طريق العدوان والتهديد بدلا عن طريق السلام، وها هو بعد أكثر من 21 عاما يعود ليهدد وليقول أن "الفترة التي تلي تشكيل الحكومة القادمة ستشهد تصلبا تجاه السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في ظل ما وصفته تدخل الرئيس الفلسطيني في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية لصالح اليسار".

وهو على يقين تام أن فوزه في الانتخابات الإسرائيلية ما كان ليتم لولا بعض المتغيرات في المنطقة والتي لعب عليها في حملته الانتخابية والتي أعادت إلى الأذهان موقف الرأي العام الإسرائيلي المتصلب بالسلب تجاه عملية السلام نفسها ومن الدولة الفلسطينية، ولقد آثار رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، في الجمهور عوامل الخوف والتهديدات من هذه المتغيرات، حيث قال  في كلمة أمام مؤتمر جماهيري لقوى اليمين في تل أبيب قبل ساعات من فوزه: إنه في حال توليه رئاسة الحكومة مجدداً، فإن «حكومة برئاسته لن تقسم القدس، ولن تقدم تنازلات، ولن توافق على أي انسحابات، ولن يوقف الاستيطان، ولن تكون هناك دولة فلسطينية."

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية أعلنوا أن وقف التنسيق الأمني هو قرار فلسطيني، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام القرصنة والعبث والتنصل الإسرائيلي، والمجلس المركزي كان واضحا في ذلك، ونعم جاء هذا قبيل الانتخابات الإسرائيلية ولكنه كان نتاج حالة من التهديد الحقيقي لشل المؤسسات الفلسطينية جرَّاء المواقف الإسرائيلية والقرارات التي اتخذها نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية ومنها قرصنة استحقاق عائدات الضرائب، ناهيك عن تجميد (إسرائيل) لكل معالم عملية السلام وعدم إطلاق سراح الأسرى في الدفعة الرابعة.

وأما اتهام الرئيس الفلسطيني والقيادة بالتدخل المباشر في الانتخابات الإسرائيلية، فهو ينصب في مسلسل التهديدات والتحريض الاسرائيلي، ومن الطبيعي لأي إنسان مسؤول تحت الاحتلال يقود شعبه الى الخلاص والحرية أن يتابع ما يجري في الجانب الآخر، فالنتائج التي تفرز يتم قراءتها وقراءة برنامج الفائزين ودراسة البرنامج الوطني الناجح المقابل له، وهذا ليس تدخلا في الشؤون الإسرائيلية، وهنا علينا أن نتذكر جملة التهديدات الإسرائيلية والمتواصلة ضد شعبنا وقيادتنا لأنه تم توقيع اتفاقيات المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ونحن على يقين أن أقطاب اليمين المتطرف والفائز في الانتخابات يستبق كل المساعي الدولية والمطالب بحل القضية الفلسطينية بمزيدا من الاستيطان والتهويد وخنق الحياة الاقتصادية والتصريحات الإعلامية الصارخة وقذفها في كل مكان، وهذا كله لإفساح المجال له لاستغلال الستة أسابيع القادمة لتشكيل حكومة أكثر تشددا وتطرفا وضد الحقوق الفلسطينية.

اليوم وأمام المتغير الجديد لم يعد متسعا أمام القيادة الفلسطينية، إلا إعلان حالة الطواريء الوطنية والمتمثلة في استمرار الحراك الدولي وتكثيف الحملة الدبلوماسية وصولا الى محكمة الجنايات الدولية، وفضح الممارسات والانتهاكات الإسرائيلي، وهذا سيكون نتائجه في زيادة الدعم الأوروبي للحقوق الفلسطينية، وكما يجب على الجميع تعزيز الوحدة والمصالحة وتمكين حكومة التوافق الفلسطينية من ممارسة مهامها وأهمية البدء الفعلي في تسريع وتيرة إعادة الإعمار ودعم صمود أبناء شعبنا في القدس .

ملاحظة: فوز القائمة المشتركة بـ14 مقعد يعني الرفض التام لمخططات نتنياهو المتعلقة بــ"الدولة اليهودية"، وإعلان مسبق أن الديمغرافيا سيدة الموقف في السنوات القادمة.

بقلم/ د. مازن صافي