ما أحوجنا اليوم لتنشيط الذاكرة بغية إدراك الحقيقة التي يريد البعض تغييبها عن عقل المواطن الفلسطيني و العربي و مفادها أن الصراع مع العدو الصهيوني وجودي و لم و لن يكن نزاعا على حدود . كما لا يمكن التوصل إلى تسوية ما أو حل ما من مثل حل ( الدولة الواحدة أو الدولتين و ربما الثلاث .. ) ، فلا الشرائع السماوية تقر ذلك ، و لا نواميس الطبيعة تسمح بهذا الأمر؟ .
مناسبة الدعوة إلى تنشيط الذاكرة هي انتخابات الكنيست الصهيوني و ما أفضته من نتائج أكدت فوز حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو ، و حديث الخيارات المستقبلية المتاحة أمام هذا الحزب الصهيوني و دعاة التسوية من فلسطينيين و عرب و عجم ، الذين تساءل بعضهم : هل هي النهاية الرسمية لعملية السلام ؟ فيما صرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن "إسرائيل "غير جادة في الوصول إلى حل الدولتين و أن تصريحات نتنياهو وليبرمان عنصرية .
الرئاسة الفلسطينية دعت الحكومة "الإسرائيلية" المقبلة إلى " الالتزام بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ، للمضي قدما في عملية السلام ".
هذا في حين تساءل آخرون : ماذا ينتظر الفلسطينيين بعد فوز نتانياهو ؟ وما هي الإستراتيجية الفلسطينية في المرحلة المقبلة ؟؟ .
للوصول إلى الخبر اليقين نقرأ بهدوء ما جرى في الكيان الصهيوني.
بنيامين نتنياهو يبدأ ولاية جديدة في هذا الكيان ، بعدما حقق فوزا في الانتخابات العامة المبكرة بعد أن قام بدعاية محاربة الإرهاب وتخويف الناخبين من التصويت إلى اليسار الوسط على أساس أن الأخير سيقدم تنازلات للإرهابيين. وبذلك يكون نتنياهو تولى رئاسة الحكومة للمرة الرابعة حيث ستكون فترة حكمه لمدة تسعة أعوام، ثاني أطول فترة لرئيس وزراء بعد بن غوريون.
وفي هذا السياق، بعد حصول حزب الليكود على 30 مقعدا من أصل 120 في البرلمان يشكل له فرصة قوية لتشكيل ائتلاف حكومي يميني حيث اصدر حزب الليكود بيانا جاء فيه أن نتنياهو تحدث إلى الأطراف التي يُحتمل مشاركتها في الائتلاف الحكومي، من ضمنها الأحزاب اليمينية والمتشددة وحزب كولانو الوسطي الذي حصد عشرة مقاعد.وتابع البيان إن حكومة نتنياهو ستعبر عن مطالب الناخبين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يشير إلى إمكانية ضم أحزاب مثل حزب المستقبل بزعامة يائير لابيد، وحزب كولاني بقيادة موشيه كحلو.
بعض الفلسطينيين قالوا :«حتى الآن، وربما لأعوام قادمة أخرى، فإن الانتخابات الإسرائيلية لم تتمخض عن تغير حقيقي في السياسات الإسرائيلية في اتجاه السلام. ومن هنا فإن الشعب الفلسطيني لم يعد يعيرها اهتماما، ولا يبدي نحوها أي تفاؤل».
السؤال هنا : متى كان الاحتلال و السلام يلتقيان ؟ المؤكد أنه من الطبيعي أن لا تتمخض هذه الانتخابات عن تغير حقيقي إزاء السلام أو حتى أي نوع من التسوية المنقوصة و إلا ما معنى مرور أكثر من عشرين عاما على اتفاقات أوسلو و لم يتمخض عنها ما يبشر بالسلام و الأمن و الاستقرار و التقدم للشعب الفلسطيني ، و أيضا ما معنى أن يستمر الاحتلال الصهيوني لفلسطين منذ أكثر من ستة عقود و لم يستطع المجتمع الدولي إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يتأتى من خلال دعم نضال هذا الشعب و مقاومته في تحري أرضه و استرجاع وطنه المغتصب .
لقد قال نتنياهو أكثر من مرة هذا الأسبوع "إن أي حديث حول انسحاب إسرائيل من حدود العام 1967 لإفساح المجال لإقامة دولة فلسطينية هو أمر غير وارد " . و هذا قالته كل الحكومات الصهيونية السالفة و برهنت عليه من خلال المجازر و القتل و التدمير و التدنيس و التشريد و غير ذلك من الممارسات الإرهابية التي فرخت اليوم أدوات تنفذ الأجندات المعادية في تدمير البلدان بضوء أخضر و دعم كامل من الأسياد في تل أبيب وواشنطن و كل عواصم الاستعمار .
ولطالما قال الرئيس محمود عباس "إن نتنياهو غير جاد حول اتفاق سلام مع الفلسطينيين، على الرغم من الوعود التي قدمها للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي" . وفي هذا الإطار قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "إن العالم الآن سوف يفهم ما كنا نحاول إن نقوله منذ سنوات".
أما الشعب الفلسطيني فقال و لا يزال يقول إن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة و المقاومة و على رأسها الكفاح المسلح لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها .
هذه هي الإستراتيجية الفلسطينية التي ينبغي ان تستمر في المرحلة المقبلة و على العالم اجمع أن يؤمن بها و يدعمها بكل السبل . الإستراتيجية المذكورة تستند إلى الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني والى خيارات مقاومة العدو بكافة الوسائل. و عدا ذلك أوهام و حرث في الماء و إدامة للاحتلال عسكريا و امنيا و سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و فكريا و اجتماعيا و نفسانيا. .
ختاما انتخاباتهم ( الصهاينة ) لهم و ديمقراطيتهم لهم ، و بنيامين نتنياهو لهم ، كما كان هرتزل و بن غوريون و غولدامائير و شارون و غيرهم لهم .. أما الشعب الفلسطيني فله انتخاباته و ديمقراطيته و قادته الذين لا يساومون و لا يتنازلون و لا يخونون تضحياته و شهداءه و مقاومته . فمن شاخ و تعب ليتنحى جانبا و ليفسح الطريق للأجيال كي تواصل مسيرة الكفاح حتى تحرير الأرض و الإنسان .
بقلم/ نعيم إبراهيم