الشهيد البطل أحمد سالم سليمان أبو ابطيحان الملقب "أبو سالم" تيمناً باسم أبيه من مواليد11 نسيان 1964 م من بلدة وادي حنين,فقد هاجرت عائلته مع العائلات الفلسطينية التي تعرضت للمذابح والمجازر في قراهم ومدنهم على أيدي عصابات بني صهيون إبان النكبة 1948م فقد عاش الأخ أحمد يتيم بعد أن رحل والده إلى جوار ربه وعمره عامين وقد ترعرع هذا الفتي في مخيم جباليا" بلوك 9 ولعب في أزقتها وشوارعها وتلقى تعليمة الابتدائي في مدرسة الفاخورة لوكالة الغوث للاجئين وتدرج وأصبح تلميذاً في المدرسة الإعدادية –ب- قرب سكة الحديد شرق المخيم والمعروفة ( بـشارع المدارس) فلم يدع أخي أحمد منذ طفولته مظاهر إلا وخرج على رأسها محرضاً زملاءه برشق الاحتلال بالحجارة والهتاف ضدهم,فكان الأخ الحبيب أحمد أبو ابطيحان يسكن على الطريق العام المؤدي إلى مدرسة الفاخورة وقد تعرض منزل عائلته للهدم بناء على قرار جائر وظالم من قائد الجيش الصهيوني "ارئيل شارون" في فترة السبعينات آنذاك بهدف توسيع شوارع قطاع غزة فانتقلت على أثرها عائلة أحمد إلى بيت خاله الذي يسكن في نفس الحي وقد تكفل برعايتهم تلقائيا كأبنائه الموجودين في المنزل وكان الأخ الشهيد احمد "أبو سالم" متعلقا بأمة تعلقا شديداً الله يرحمها ويرحمه ويحسن مثواهم ويسكنهم فسيح جنانه.
لقد عاش الأخ أحمد أبو ابطيحان في المخيم على تماس مباشر مع المجموعات الفدائية وكان من هذه المجموعات التي دكت مضاجع العدو وأوجعتها بهجماتها النوعية أنها مجموعة الأخ الشهيد رفيق السالمي وكان يشاهد العمليات الفدائية الجريئة بأم عينه وهم يقاومون الاحتلال من شارع إلى شارع ومن زقه إلى زقه بالذخيرة الحية وإلقاء القنابل اليدوية عليهم فمنهم من استشهد ولاقى وجه ربه ومنهم من وقع جريحاً أو أسيراً أمامه,فنمى بداخله الحس الوطني وحب المقاومة والوطن وبدء الأخ أحمد وهو في سن مبكر لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره يعيش تجربة فريدة من نوعها يقدم كل ما يطلب منه في تقديم المساعدة لأبناء حركة فتح ومجموعاتها العاملة في المخيم مثل رصد الطريق والشوارع والأزقة وإبلاغ الفدائيين عن قدوم دورية راجلة أو راكبة حتى يتمكنوا الفدائيين من نصب كمين لهم وتنفيذ عمليات ضدهم. حيث تم تنظيمه لصفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وكان عمره في الرابعة عشرة وبدء شيئا فشيئا يتدرب على العمل العسكري فقد حول خزانة والداته الصغيرة إلى مستودع للأسلحة والقنابل والمواد المتفجرة وذات ليلة خرج بهدوء قبل أن يشق النهار إلى "بيارة أبو حسين "مع زملاءه وقد ذوى انفجار هائل في البيارة وكان الهدف من التدريب هو تجريب القنبلة تمهيداً لتنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال..
وفي الثالث عشر من آذار من عام 1983م قامت قوات الاحتلال بمحاصرة المكان بالسيارات العسكرية وداهمت منزل الأخ احمد أبو بطيحان بطريقة بربرية فكان احمد نائم وتم إيقاده من النوم وقيدوا يديه وعصبوا عينيه ورموا به في سيارتهم العسكرية وتم اعتقاله إلى سجن غزة المركزي وقد خضع للتحقيق على أيدي ضابط من المخابرات الشين بيت واستخدموا معه فترة جولات التحقيق أبشع أنواع أساليب التعذيب والقهر والإذلال,فكان الأخ احمد أبو بطيحان من خيرة الرجال الذين صمودا وقهروا السجان في أقبية التحقيق رغم صغر سنه, فقد اتهمته المحكمة الصهيونية العسكرية من خلال التهم الموجهة له بالانتماء لحركة فتح وضلوعه بإلقاء القنابل اليدوية على جنود الاحتلال الصهيوني وبحقدهم الأسود تم محاكمة الأخ أحمد أبو ابطيحان بالسجن الفعلي لمدة 20 عاماً,وتم ترحيله إلي معظم المعتقلات الموجودة في الأرض المحتلة خلال فترة اعتقاله بفعل سياسية إدارة مصلحة السجون,وكان الأخ أحمد عند المعتقلين الكبار زهرتهم المتفتحة وكان شعلة لا تخمده أنارها وبعد مرور سنتين وشهرين على اعتقاله جاءت الثورة الفلسطينية لتجبر الجلاد بالرضوخ للقبول بصفقة أحمد جبريل وفي نهاية المطاف لقد تم إطلاق سراحه هو ورفاقه بهذه الصفقة20/5/1985م..
ومن المواقف الرجولية والتي لا تظهر إلا من الرجال أمثال أخي الشهيد احمد أبو بطيحان "أبو سالم" فقد كان الأخ أحمد جالس أمام بيته على الطريق العام وإذا بدورية راجلة من جنود الاحتلال تقوم بمضايقة فتاة والتحرش بها أثناء عبورها الشارع من أمامه,مما أثار غضبة واستفزته تصرفات الجنود مع بنت شعبه فاندفع مسرعاً نحو الجنود متعاركاً معهم منقذاً الفتاة التي وقعت بين براثين هؤلاء الصهاينة,فلم يتوقف عن مواصلة عمله النضالي والبطولي المشرف لأبناء شعبه بالرغم انه لم يمضي على إطلاق سراحه شهر ونصف من الأسر حيث كان أول أسير يتم اعتقاله من محررين صفقة أحمد جبريل, وفي السابع عشر من حزيران عام 1985في سجن غزة المركزي وأثناء وجوده بالسجن شارك مع الأخوة بالتحقيق مع احد العملاء وتم إعدامه وقام أحد المعتقلين بالغرفة بتحمل القضية والاعتراف أنه هو من قام بإعدام العميل ورغم ذلك لم يفلت أخي أحمد "أبو سالم" منهم وقد اتهم بالمشاركة بالتحقيق وحكم عليه ثلاث سنوات إضافة على فترة حكمه الأولي..وتم ترحيله إلي معتقل عسقلان وسجن كفاريونا"بيت ليد"وقد التقيت بالأخ احمد أبو ابطيحان في سجن غزة المركزي قسم "ج" وسجن "كفاريون" بيت ليد في منطقة نتانيا " وفي معتقل كيتسعوت" النقب الصحراوي"ب" وقضيت أجمل الأشهر بجوار الأخ والصديق أبو سالم داخل أسوار القلاع ...
فالأخ الشهيد احمد أبو ابطيحان معروف للجميع انه رجل تنظيمي من الطراز الأول يتميز باتخاذ القرارات الجرئية الصارمة التي تحتاج إلي بصيرة والنظرة الثاقبة ويمتلك من قوة الشخصية ما يجعل من يرافقه يشعر بأنه يرافق جيشاً جراراً كاملاً يتمتع بصفات القائد الشجاع ذكي جداً ولماح يفهم الأمور على الطاير سميه ما شئت من الأسماء التي تمتاز بالقوة والصلابة إن شاهدته ترى فيه شجاعة وشراسة الأسد فكم هذا الرجل طيب وحنون وخلوق وخجول وحبوب وطاهر القلب لا يعرف الحقد مع أبناء شعبه, فقد تصدى كثيراً في وجه مصلحة إدارة السجون دفاعاً عن أبناء الحركة الأسيرة وتم قمعه وعزلة في زنزانة الانفرادية عقاباً له لمدة تتجاوز فيها أكثر من شهر مما يدفعه بالإضراب عن الطعام المفتوح لحين الاستجابة لمطالبه فقد تولي فترات اعتقاله داخل السجون الإسرائيلية مسؤوليات عديدة من عضو اللجنة المركزية وصولاً إلى رتبة الموجه العام للحركة الأسيرة وقد تم إطلاق سراحه في الحادي عشر من أيار عام 1989بعد انتهاء فترة محكومتيه,عاود اعتقاله مرة أخرى إلى معتقل أنصار -3- سجن النقب الصحراوي وبالتحديد مروان (4) ومن المواقف المشرفة للأخ الشهيد أحمد فلقد تعرض احد الأخوة المعتقلين لمرض جلدي يسمي بمرض الجدري وقد تفاقمت حالته الصحية وانتشر البثور على جسده وطفحت في وجهه وفمه فابتعدوا عنه الأخوة المعتقلين خوفا من العدوى واقلعوا عن تناول الطعام معه فقد ضاقت الدنيا في وجهه إلا أن الأخ أحمد عاش مع المعتقل وتناول الطعام معه ومعالجته وخدمته حتى استطاع هذا الأخ المعتقل من تجاوز محنته بفضل الله أولاً تم بفضل الأخ احمد أبو ابطيحان.
وذات يوم حضر الناعي وهمس في أذن أبو سالم وقال له إنا لله وإنا إليه راجعون لقد فقد امه الغالية ولم يراها وهي تواري التراب إلي جوار ربها فقد تحمل آلم فراق والدته الذي أحبها حباً جماً وصبر وصمد واحتسبها عند الله وقد تلقي من أبناء الحركة الأسيرة داخل المعتقل واجب العزاء من الأخوة المعتقلين وقد تليت آيات من الذكر الحكيم على روحها الطاهرة وقد امضي فترة اعتقاله وتم الإفراج عنه لم يذهب إلي منزلهم بل أصر على زيارة والدته والتقي بها ليضع على قبرها أكاليل من الورود وقرأ عليها الفاتحة,كان يحب يسمع صوت المطرب العراقي سعدون جابر بأغنيته المفضلة وهي يا أمي يا أم الوفا. يا طيب من الجنة يا خيمة من طيب ووفى جمعتنا بالحب كلنا..تعلمت الصبر منك يايمة الهوى.أنت الهوى ومحتاج أشمه يأغلى وأعز مخلوق عندي,ومن المواقف الرجولية للشهيد الأخ احمد أبو بطيحان فقد حدث موقف وكنت شاهد أعيان عند دوار القطاطوة سابقاً والذي يعرف حاليا بميدان الشهداء الستة فقد كان الشهيد أبو سالم يركب سيارة 504 وكان معه عدد من الأخوة مطاردين بالسيارة وفجأة نزل احمد بسرعة وأطلق النار من عوزه قصيرة على سيارتين من المستعربين وحدة صهيونية تتنكر بملابس عربية وتتحدث اللغة العربية وقد تبين بأن هذه الوحدة من المستعربين كانت تهدف إلي اغتيال أخوة من أبناء حركة فتح كانوا في مهمة تنظيمية قادمين من حي الشيخ رضوان وقد تمكن احمد أبو طيحان أبو سالم من إنقاذ هؤلاء الأخوة من الكمين الذي نصب لهم ..
ومن قصص العطاء التي لا تتوقف عند الأخ الشهيد احمد فقد كان مع أخوة في منزل احد المواطنين في بيت لاهيا الذين يعشقون الثورة ويحبون أبطالها فقد حوصر المنزل وطوقت المنطقة وداهمت قوات الاحتلال المدججة بالسلاح والهراوات المكان لتلقي القبض على الأبطال ووقع الأخ احمد أسيراً مرة أخري وتم اعتقاله إلي السجن وأمام جبروت عناده لم يملك المحقق إلا أن يحاكمه بناء على قانون تأمير الذي يبح للسجان أن يحاكم الأسير دون تهمة وحكم على احمد ثلاث سنوات وانتقل من سجن غزة المركزي ومسلخ التحقيق إلي معتقل أنصار-2-حيث مكث فترة التوقيف وتم نقله إلي معتقل أنصار النقب وقد تبوأ المراتب التنظيمية الرفيعة وأنيط بأعلى موقع بالهرم التنظيمي,ومن المواقف البطولية لشهيد الأشم احمد أبو بطيحان" أبو سالم" الموجة العام أثناء تواجد في سجن كتسعوت النقب في قسم –ب- فقد وقف بكل شجاعة ورجولة متحدياً صلف الجلاد مدير المعتقل المدعو( شالتي ايل) وهو احد ضباط العسكريين بعد أن صدر قرار يلزم الأخوة المعتقلين من خلع ملابسهم بما فيها الملابس الداخلية عند التفتيش الإجباري وقد أعطي الشهيد أبو سالم تعليمات بالاستنفار لكافة الأخوة المعتقلين بالاستعداد للمواجهة لمنع تمرير هذا القرار التعسفي فما كان من هذا الضابط الحاقد إلا وان قام باستدعاء وحدات خاصة لتدخل السريع نخبة من الجيش الصهيوني مضربين على مداهمات الأقسام وقمع المعتقلين .ومع هذا فقد تم إفشال هذا القرار وبفضل الله أولا تم هذا القيادي البطل الذي تشهد له الأرض والطير والحجر والشجر والإنسان انه عظيم بكل معاني وان مازال في الذاكرة ولن يكون في عالم النسيان ..
وبتاريخ 27 من تموز عام 1992خرج الأخ احمد أبو ابطيحان أبو سالم من الأسر وهو يتنسم هواء الحرية مرة أخرى وهذه المرة فقد تم عقد قرانه وتزوج على احد بنات فلسطين وأقيم له حفل شبابي أمام بيته في مشروع بيت لاهيا في مربع الشهيد جمال أبو الجديان وقد حضره كل محبين احمد أبو ابطيحان لتشاء الأقدار وينجب منها ياسمين والتي رأت النور من بعد استشهاده وبالرغم من خروج البطل احمد أبو بطيحان من الأسر المتكرر من السجون النازية والزواج بعد رحلة طويلة من النضال الشاق إلا انه عاد إلي عمله النضالي والتنظيمي وتم تكليفه من ضمن اللجنة الخماسية المركزية التي سوف تقود عمل في قطاع غزة وقد أنيط به مهمة قيادة اللجان الشعبية والقوات الضاربة حيث أعاد تشكيل اللجان وأعاد هيكليتها وبعد اقل من شهر تم مداهمة البيت واعتقاله مع أخوة في قيادة التنظيم فأمضى احمد فترة اعتقاله إداري ستة شهور وخرج من الأسر وكلف مع خمسة عشر أخا في المنطقة الشمالية لقطاع غزة لتحديد مهام التنظيم وتسيير أموره ثم كلف خمسة أخوة أن يكونوا مرجعية التنظيم في القطاع وقادة جهازها العسكري وكلف "أبو سالم" بقيادة الجهاز العسكري لحركة فتح في قطاع غزة فقد كانت قراره حازما ويردع أي خارج عن القرار التنظيمي مدركا انه لكي تقود قتالا ومواجهة ناجعة ضد الاحتلال وقواته الفاشية عليك أن توحد صفوفك وتضبط قواعدك,وفي يوم الاثنين الموافق 28/3/1993م طالته يد الغدر والخيانة والأيدي ألاثمة مع رفاقه الأبطال في مخيم جباليا...
المجد كل المجد للشهيد ابو سالم
والخزي والعار للعملاء الخونة المأجورين
رحم الله الشهيد البطل احمد ابو بطيحان واسكنه فسيح جنانه مع النبيين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا...
أخوكم ابن الفتح البار/سامي إبراهيم فودة