مت شهيدا ... بل عش شهيدا

بقلم: محمد رمضان الآغا

كي يحبك الناس كثيراً ويرفعون ذكرك في كل العالمين مت شهيدا لا فالشهيد يعيش ولا يموت، إذن عش شهيدا كن شهيدا فكنت حيث كنت في اللا مكان، لا فالشهيد يغيب عن حياتنا لأننا لا ندرك حياته ولا ندرك سمو روحه تتألق وهي ترتل آيات العشق الالهي كما في الدنيا بل ابلغ.

مت شهيدا ومت فجأة ليخرج الملايين في كل مكان من هذا الكون مصدومين مكلومين حزانى يزفون روحك نحو الفراديس العلا نحو الكرم السماوي الرباني نحو من سبقوك على نفس الدرب، إهنأ يا شهيدنا أنك اليوم هناك بينهم ترتلون معا كل آيات الشهادة ترتقون نحو اللانهاية الابدية السرمدية خالدين مت شهيدا ليبكي الناس كما لم يبكوا في حياتهم وكما لم يبكوا على أحد من قبلك الا سيد الخلائق صلوات الله عليه وسلامه، مت شهيدا لتهنأ غزة بسيدها اذ يقف لدى باب الشهادة عزيزا كريماً، مت شهيدا ليفرح الناس كما لم يفرحوا في حياتهم، مت شهيدا ليهتف الناس كما لم يهتفوا الشهيد حبيب الله ... الشهيد حبيب الله .... مت شهيدا ليرسم الناس من دمك خارطة الاقصى وفلسطين، مت شهيدا اذ دمك يلون ارواح محبيك قاطبة يخطبون مسكا فيه ولا أجمل، مت شهيدا وانت بدمك الفواح مسكا تلغي الحدود وتكسر القيود، مت شهيدا اذ ينبت الجند قادة غير عابئين ولا هيابين، مت شهيدا اذ تعبئ سلام المحبين سالمين مسالمين، مت شهيدا وانت تزرع من قطرات دمك المخضب شهداء في سلسلة بلا انتهاء، مت شهيدا وزهور الياسمين تنمو وتكبر في لحظة على الارض التي بارك الله فيها للعالمين، مت شهيدا واصنع من دمك قوارير عطر خالدة يتناقلها الاحبة كلمات من نسائم علوية تسري،  مت شهيدا عاشقا لحياة ليست كالحياة هنا، مت شهيدا ليصنع الناس من دمك قوارير حكايا لم تعرف الدنيا مثلها، مت شهيدا لتبقى حيا ترقب حزننا المتكور كرات من حصار،  مت شهيداً عاشقاً ارضاً تفوح شهداء، مت شهيداً كي تبني لأحبابك الذين ستشفع لهم بيوتا من ذهب وقصوراً من ياسمين،  مت شهيداً بصاروخ زنانة او حوامة ينطمر في الارض بينما تصعد روحك الوثابة نحو العرش تتسامى،  مت شهيد وفي يدك قبضة من تراب ارضك تغرسها في الجنان عشقا لزيتونات القدس،  مت شهيدا وفي يدك قنينة زيت مقدسي غزاوي نور على نور ولم تمسسه ولن تمسسه نار، مت شهيداً وانت ما زلت تمسك قلما تخط به في دفتر الشهداء اسماء الذين لم يلحقوا بك ويستبشرون،  مت شهيداً وانت هناك حيث لا هناك هناك، مت شهيداً حيث يموت الموت وتحيا الحياة الأبدية، مت شهيدا ولا برزخ ولا قبر ولا سؤال ولا حساب ولا عذاب، مت شهيدا تكتب ببلورات المسك قد صغتها من دمك السماوي، تكتب وتكتب وتكتب ولا يتوقف قلم الروح وهو يجود بعصارة حبر من دم ومسك معا، مت شهيدا ليعرف من خلفك في دنياك أنك لم تكن سوى طيف ملائكي وضيف رباني على الارض الفانية، مت شهيداً ليدرك كل من عرفوك ان اقوالك وافعالك وكل حياتك كانت نورا في نور ونورا على نور، مت شهيداً وشارك طيور الجنان تغريدها على الارائك وذات اغصان، مت شهيدا وتعال الينا كل لحظة في رؤانا لنسعد برؤية وجهك يشع نورا وثيابك تشع عطرا، مت شهيدا وابتسم للحور يستقبلنك في موكب حوري ملائكي مهيب هناك تحت العرش حيث لا زمان ولا مكان ولا يستوعب العقل شيئا مما هنالك الا برحمة الرحمن، مت شهيدا وطرز ثوبا جديدا للحياة الجديدة من لؤلؤ تجمعه من شاطئ كشاطئ البحر الذي عشقت واحببت بل وعليه سالت دماؤك الطاهرة ترويه من عطش السنين، يوم صدمت الدنيا بخبر استشهادك لكنك كنت اسعد الناس وبين لحظة واختها، لا بل في عالم اللا لحظة كنت هناك في حضرة السماء، في حضرة عالم آخر حيث التكريم والعدالة، حيث كل ما افتقدت في عالم ظالم قمت تتحداه لترسل رسالة للسماء، نحن ابناء السماء نحن على الارض ضيوف، نحن على الارض عابرون، هناك في السماء نحن قد سمونا، يا رب لك الحمد كله والثناء كله سبحانك لا نحصي عليك ثناء كما اثنيت على نفسك، مت شهيدا كن شهيدا عش شهيدا توهب لك حياة الخلود، سلام عليكم في الخالدين سلام عليكم في الاولين سلام عليكم في الاخرين سلام عليكم في العالمين سلام عليكم يا اهل الفراديس العلا .

الدكتور: محمد رمضان الآغا