ربما كان مفاجئا سماع أنباء قيام تحالف عربي بالتدخل عسكريا في اليمن بغرض إنهاء أزمته بعد سيطرة احد الفصائل السياسية الكبيرة على البلاد لها من الارتباطات الإقليمية ما يجعل اليمن مركز تهديد لأمن واستقرار للدول العربية ونشر الفوضى فيها ، الأمر الذي يشير إلى عودة الروح العربية الخالصة لتلعب دورها في تسيير مقدرات الأمة دون الاعتماد التدخل الاجنبى ، حيث تفيد الأنباء الواردة من كل مكان بان التدخل العربي في اليمن جاء بقرار عربي خالص دون تدخل أو مشاركة أجنبية خاصة من أمريكا وأوروبا ،بل تفيد الأنباء عن عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه العمليات على الرغم من إعلانها عن استعدادها توفير الدعم ألمعلوماتي والاستخباراتي للدول المشاركة في العمليات الحربية ،
إننا ننظر إلى تلك العمليات الجارية في اليمن وكأنها أول العمليات الجراحية التي تتم في البلاد العربية وبأيدي أطباء عرب ، نعم فقد آن الاون أن يعود مجد العروبة التي غيب لفترات طويلة ، آن الأوان لان يفخر العربي بهويته العربية والإسلامية امام زحف ثقافة الهيمنة والاستحواذ من قبل الغير ، آن الأوان أي يكون هناك قرارا عربيا واحدة لمواجهة كل ما تواجههه الامة العربية من تحديات ،
ما نشهده اليوم يجعلنا نتساءل هل هو حقا عملا مفاجئا ، أم أن إرهاصات هذا العمل قد بدأت منذ فترة ، في اعتقادي أنها بدأت منذ فترة قصير منذ اندلاع الثورة المصرية يوم 25 يناير 2011 ، حيث كان من أول أهدافها عودة الشعب المصري العربي الأصيل إلى الحياة من جديد بعد محاولات لابعادة على أن يكون له دور فاعل في المنطقة العربية ، وإبعاد مصر عن دورها التاريخي تجاه العروبة والإسلام ، نجح الشعب المصري في إعادة مصر إلى مكانها التاريخي والوطني والقومي العربي ، وهكذا نجد التصريحات المتوالية فيما بعد باهتمام مصر بالأمن العربي وحرصها على حفظ الأمن القومي العربي في أكثر من مناسبة ولعل اقتراح الرئيس المصري الأخير بإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة الإخطار التي تواجه البلاد العربية من ابرز المؤشرات لعودة روح العمل الجماعي العربي ، وهو حلم راود العرب كثيرا منذ نشأة الجامعة العربية وبزوغ فكرة الدفاع العربي المشترك ، اذن هي مصر وبكل ما تعنيه الكلمة فبدون مصر فلا قائمة لامتنا العربية .
نعم لقد استفحل نشاط العامل الخارجي في بلادنا العربية ليحولها إلى مناطق نفوذ واستعمار جديد لنهب ثروات وموارد الأمة ، في العراق ، وفي سوريا ، وفي ليبيا وغيرها ، التي نأمل في تطهيرها جميعا قريبا بعد انتهاء الأزمة اليمنية ، وفي هذا لا ننسي طامتنا الكبرى وعدونا الأساسي إسرائيل التي ظنت أن باشتعال الفتن في عالمنا العربي يجعلها في مأمن بل يجعلها تحتل مكان الأصدقاء الحريصين على مستقبل الشعوب ، وهي في الحقيقة بيت التآمر ومنبع الفساد والخراب في المنطقة العربية
إذن العمليات العسكرية في اليمن هي مجرد رسالة قوية لكل من تحدثه نفسه في العبث بأمن ومستقبل الأمة ، كما أنها رسالة إلى كل من يحاول التغريد خارج السرب ، لفرض الهيمنة والسلطان بالمال والتآمر ،
ربما من قبيل الصدف أن تأتي العمليات العسكرية العربية في اليمن قبيل انعقاد القمة العربية العادية في مصر ، والتي في اغلب الظن أنها ستنعقد في ظل استمرار هذه العمليات ، لذلك فهي فرصة للزعماء العرب للالتقاء الجاد هذه المرة وعدم ترك لقاءاتهم لقاءات عابرة للتصوير والابتسامات الزائفة ، بل للعمل الجاد باتخاذ قرارات مصيرية ،إذ نأمل لان لا يقتصر التعاون العربي والعمل العربي المشترك على الأمور العسكرية فقط على الرغم من أهميتها ألكبري ، بل لابد من وضع الأسس العملية والمتينة للتعاون العربي في كل المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، هي فرصة لإحياء فكرة السوق العربية المشتركة ، بما يحقق في النهاية وحد الهدف العربي ووحدة المصير العربي ، وان تجعل للبلاد العربية هيبتها وقوتها أمام المجتمع الدولي ، بدلا من أن نكون لعبة في يد الأمم . ، وهذا لا يتاتي إلا بالكثير من الأمور ، أهمها العامل الاقتصادي والعامل السياسي ، فلابد من السماح لرأس المال من التحرك بحرية في البلاد العربية وإتاحة الفرصة أمامه للعمل من اجب تحقيق التنمية بدلا من ذهاب رأس المال هذا إلى مناطق أخرى غير العربية ، يجب السماح بحرية انتقال البضائع والمنتجات العربية في الأسواق العربية ، يجب السماح لحركة بحرية للأيدي العاملة العربية بين الدول العربية ، أمور كثير يحلم بها كل مواطن عربي ،
نام لان توفق القوات العربية في تحقيق الأمن والاستقرار لليمن ليصبح اليمن السعيد سعيدا ، لأنه وحسب اعتقادي لم يكن سعيدا يوما من كثرة ما مر به من حروب وصراعات ، أما على صعيدنا الفلسطيني فإن المصل الشعبي بقول أذا أمطرت في بلاد بشرو ا بلاد .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
27/3/2015