اليمن .. وخروج حماس عن الصمت

بقلم: عماد أبو الروس

قبل عدة أيام استجابت السعودية وحولها الدول العربية لنداءات الرئيس اليمني منصور الهادي بالتدخل لوقف الحوثيين من تغولهم في الأراضي اليمنية بإنقلاب عسكري مدعوم من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
لكن نداءات الرئيس الهادي ليست هي السبب الرئيس التي جعلت من السعودية تُقرر تدخلاً عسكرياً ، فكان واضحاً بأن سيطرة الحوثيين على اليمن يشكل تهديداً جدياً للأمن القومي السعودي، وامتداداً طائفياً " شيعياً " يهدد المنطقة العربية ودول الخليج بشكل خاص.
حركة حماس فضلت الصمت منذ البداية، نظرا لحساسية موقفها بعد عدة محاولات لإعادة ترميم علاقتها بإيران التي مازالت تراوح المد والجزر بعد إعلان موقفها المعارض للنظام السوري وممارساته إبان تطور الاحداث السورية عام 2011م.
والواضح أن العلاقة بين حماس وايران شهدت تطورا ملحوظا إبان حرب العصف المأكول، وزيارة وفد من الحركة لطهران، والذي أعقبها توجيه كتائب القسام الشكر خلال خطابها في ذكرى انطلاقة الحركة، إلا أن العلاقة عادت للسكون مجددا بعد التقارير التي بثتها صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله وموقع "تابناك" التابع للحرس الثوري الإيراني، والتي استهدفت شخصية مشعل.
ويبدو بأن إيران لا تريد علاقة مع حماس إلا من خلال بوابة رضا سوريا التي لاترغب مشعل وتعد خروجه من سوريا وموقفه تجاه النظام السوري بعد الثورة السورية طعنة في ظهر الود الذي أبدته سوريا لمشعل وحماس، غير أن ايران لا تريد أن تنقطع علاقتها بحركة حماس لأهداف اقليمية.
بعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز وتولي الملك سلمان العرش السعودي أحدث الأخير تغيرات متسارعة في المنطقة، وقد روجت الأوساط السعودية عن اتصالات بين حماس والسعودية ولوحت بترميم العلاقة مع حماس من جديد بعد قطيعة تامة عقب الانقسام الفلسطيني عام 2007م.
حركة حماس أصبحت ما بين لاعبين كبيرين في المنطقة، سعودي كتيار سني قد يسعى لضم حماس لتحالفها ضد ايران، وآخر ايراني شيعي يسعى لعلاقات مع حركة مقاومة سنية بفلسطين تحافظ على قوتها العسكرية والتنظيمية والشعبية.
وجاءت الأحداث اليمنية متسارعة تعصف بالمنطقة العربية، هذه الاحداث ترجمت ترجمة طائفية عقب تدخل دول الخليج على رأسها السعودية ودول عربية أخرى كمصر والأردن وأخريات بقيادة السعودية في عملية أسمتها السعودية " عاصفة الحزم "، فضلت الحركة الصمت لحساسية موقفها.
لماذا خرجت حماس عن صمتها؟
يوم الجمعة الموافق 26/3 ألقى حسن نصر الله كلمة حول الاحداث الجارية في اليمن، حاول فيها التلاعب على وتر حساس، بين حماس والسعودية وايران ، عندما قال أن حماس أخبرته بأن السعودية طلبت منا قطع علاقاتنا مع ايران ولكننا رفضنا.
لعل خطاب نصرالله واكبه مطالبات عدة من عدة جهات سنية بالسؤال عن موقف حماس من الأحداث الجارية في اليمن، وخاصة بأن الأمر هو اصطفاف بين تحالف سني وآخر موقف شيعي، وهنا دخلت حماس في حرج البقاء بصمتها.
خطاب نصرالله لم يتجاهل تصريحات محمود الهباش في خطبته بمقاطعة رام الله بحضور الرئيس عباس، والتي طالب فيها بأن تتدخل القوى العربية بقيادة السعودية للحد من الانقسام في الأراض الفلسطينية مشيراً إلى حركة حماس وسيطرتها على قطاع غزة.
هذه التصريحات كانت ترجمة فعلية للحوار الذي أجرته صحيفة الحياة مع عباس يوم السبت 27/3، الأمر الذي يشير إلى أن خطبة الهباش ظهر الجمعة الماضي لم تكن من وحي خيال، ولا شهوة أراد ان يطلقها، بل من قرار عباسي سيترجمه فعليا بكلمته خلال القمة العربية الجارية في شرم الشيخ.
اعتادت حماس في كل عام بأن تصدر بياناً موجهاً للقمة العربية، وعلى ما يبدو بأن بيان موقفها من أحداث اليمن كان بمثابة رسالة للقمة العربية، والذي كان في مضمونه وتوقيته يحمل رسائل هامة:
• أن حماس تقف دائماً مع " الشرعية السياسية " سواء أكانت في اليمن أو في غيرها، هذه الشرعية التي أستمدت من الشعب.
• أنها مع التوافق الوطني وتغليب لغة الحوار في أي نزاع داخلي في اليمن وغيره.
• أنها تصطف مع تحالف المنطقة العربية، ضد أي تهديد للدول العربية وشعوبها.
لقد كان بيان حماس متوازناً ويحمل في طياته أنها حركة فلسطينية سنية، مع خيار الشعوب، ومع تغليب لغة الحوار والمصالحة، وأنها أيضاً أتت بالانتخابات وبقرار من الشعب، والحديث عن دعم الشرعية يعزز من قوة موقفها في الصراع مع عباس الذي يتغنى بشرعيته أمام هذه الدول ، وتأكيدا منها على دعمها للمصالحة الفلسطينية الداخلية، وأنها ليست في " جيب أحد"، فضلاً عن أن علاقتها مع إيران مبنية على المصالح وليس المبادئ، وأنها تنظر للعمق العربي أكثر من أي عمق آخر.
عماد أبو الروس