ماذا بعد الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية...؟

بقلم: أشرف طلبه الفرا

أعلنت محكمة الجنايات الدولية قبل أيام انضمام دولة فلسطين رسمياً بحيث اصبحت فلسطين العضو 123 في هذه المحكمة باتفاق كل فصائل العمل الوطني والاسلامي الفلسطيني، بعد رفض مجلس الأمن اعتماد مشروع قرار فلسطيني عربي في يناير كانون الثاني الماضي من أجل إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية بحلول 2017م، في ظل المماطلة الاسرائيلية للحقوق الفلسطينية وجمود عملية السلام.

ورغم الأهمية الهامة لهذا الانضمام لأن إسرائيل تريد دائماً أن تبقى فوق القانون الدولي وفوق المحاسبة، وعندما يكون هناك مجتمع دولي يعاقب ويحاسب فإن إسرائيل سوف تفكر كثيراً في حال الإقدام على أي عمل من شأنه الحاق ضرراً على الفلسطينيين، وقد لا يحدث هذا قريباً بسبب التوازنات السياسية التي تحمي إسرائيل ومجرميها، ولكن هذه الظروف ليست مضمونة  ولن تبقى كما هي، وهو ما يقلق إسرائيل ويغضبها بأن الظروف والتوازنات السياسية لن تكون لصالحها في المستقبل القريب، حيث بقيت إسرائيل تستغل تواجدها في المجتمع الغربي وقوة علاقاتها العامة في تشويه الفلسطينيين والعرب. كما يعد الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ساحة جديدة للقيادة الفلسطينية تمكنها من التحرك في الفضاء الدولي لرضوخ إسرائيل إلى قرارات الشرعية الدولية والمعترف بها في الامم المتحدة والتي تقضي بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى حدود 1967م. وبالتالي فإن هذا المسار القانوني مسار مهم جداً ويشكل انجازاً كبيراً وانتصاراً لدماء الفلسطيني تجاه محاكمة قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، وخاصة أنه أصبح هناك وعي دولي متزايد تجاه موضوع الصراع العربي الإسرائيلي.

إلا أن هذا المسار القانوني ورغم أهميته يستدعي التحرك على المسار السياسي، وذلك بإحداث تغيير جذري لشروط أي مفاوضات مقبلة مع الطرف الاسرائيلي يكون أساسها وجود مرجعية واضحة ومحددة تكون حدود الرابع من حزيران لعام 67 أساسا لها وتقر بها إسرائيل بشكل واضح وصريح، ووضوح في قضية اطلاق سراح الاسرى وقضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن يكون هذا ضمن سقف زمني محدد وملزم لطرفي التفاوض يتم من خلاله الشروع  في ترسيم الحدود والتفاوض لحل جميع قضايا الحل النهائي دون استثناء. بالإضافة إلى قيام القيادة الفلسطينية بتوسيع دائرة الوساطة الحاضنة لهذه المفاوضات دون الاعتماد على الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل وذلك باشراك دول عربية وأجنبية أخرى ذات ثقل في المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للوفاء بما يتم الاتفاق عليه  في تلك المفاوضات. وهو ما يتطلب بالأساس تحقيق الوحدة الوطنية بين شطري الوطن وبناء جبهة موحدة لمواجهة التحدي الكبير الذي تقوده السلطة الفلسطينية في المحافل الدولية، وتوفر الدعم العربي المطلوب ومن أهمها توفير شبكة الأمان العربية.

بقلم: د. أشرف طلبه الفرا