للاقتصاد الفلسطيني خصوصيات متعددة وذات طابع خاص تختلف عن معظم الاقتصاديات و لها علاقة بالتغيرات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة, وحجم تلك التغيرات وتحديداُ في قطاع غزة الذي خرج من العدوان الإسرائيلي الأخير المعروف بالجرف الصامد في 26 أغسطس للعام 2014 ولم يبدأ بأعمار ما دمرته آليات الاحتلال الإسرائيلي , كان ذلك كفيلاً بتفاقم وتردي الأوضاع المأساوية لأهالي قطاع غزة, تلك المأساة يمكن ملاحظتها للمارين بالشوارع والطرقات ولركاب التاكسيات وفي المناسبات أية كانت , ولمواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أيضاً قد حظيت بالكثير من التعليقات التي تعبر عن عمق الأزمة ومنها مثلاً قول البعض عصفورتي الأمينة غردت لي قبل قليل وقالت يوجد حل لمشكلة الأعمار والموظفين والبطالة ومشكلة الكهرباء والمياه والمعابر وتوفر كيس الاسمنت وأنبوبة غاز والبدء بمشاورات للمصالحة الحزبية بين حركتي فتح وحماس, والمصالحة المجتمعية, ومن يراقب تلك التعليقات رغم حالة الفكاهة إلا أنها تعبر عن أزمة حقيقية يعاني منها الغزيين وتعبر عن أمنيات وآمال للخروج من الأزمة ومن النفق المظلم منذ سنوات وعدم وجود أفق للحل , وفي ظل تردي الأوضاع وانزلاقها للأسوأ فإن قطاع غزة يحتاج لحكمة وبصيرة زرقاء اليمامة ذات الأفق الواسع والشمولي , حيث ستواجه تلك اليمامة الجميلة صعوبات كبيرة لتعقد الوضع الفلسطيني وخصوصية قطاع غزة , منطقة لا تتعدي مساحتها أل 362 كيلو متر مربع ويبلغ سكانها قرابة 1.8 مليون نسمة و معدل البطالة اقترب من 50% وعدد العاطلين عن العمل بلغ 200 ألف وثلثي السكان يعانون من الفقر والاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية إضافة لاختلاف المواقف للأحزاب الفلسطينية وعدم وجود نية للحل وللخروج من الأزمة وتحقيق مطالب الأغلبية الباحثة عن رغيف خبر و 12 ساعة للكهرباء يومياً ولأنبوبة غاز ولفرصة عمل قصيرة مدتها شهر أو أثنين , وغيرها من الضروريات التي أصبحت تعاني منها جُل الأسر الفلسطينية في قطاع غزة , ولكن ماذا يحتاج الغزيين من زرقاء اليمامة هي الأسئلة التي تراودهم وتدور في حلقة واحدة مفادها المصالحة , إعادة أعمار قطاع غزة, حل المشكلة الاقتصادية والقضاء على البطالة والفقر والكساد , وإعلان الدولة المستقلة وحجم الموارد الاقتصادية الخاضعة لتلك الدولة , وكيفية الاستفادة من تلك الموارد بما يحقق دولة رفاه اقتصادي, رفع نمو وإنتاجية القطاع الزراعي والصناعي, ورغم التوقعات المتشائمة والتحذيرات المتعددة لزرقاء اليمامة فإنها رأت بضرورة إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية المتبعة في الأراضي الفلسطينية وتحديداً في تدني وتراجع حصة الزراعة من الموازنة العامة الفلسطينية, وهذا يتناقض مع الأهمية والحاجة الملحة لهذا القطاع المهم والمنتج في ظل وجود الاحتلال حيث أن الزراعة ليست مصدر دخل للآلاف بل مصدر دخل ووطن وذات مدلولات اقتصادية واجتماعية وسياسية وذات أهمية وأثر كبير في حال إذا تم استثمارها بالشكل السليم, وهنا يجب التفكير بكيف استفادت إسرائيل وحققت المكاسب قبل إعلان الدولة عام 1948 , حيث استفادت إسرائيل والجماعات اليهودية المهاجرة في بدايات القرن العشرين من رفع شعار الحاخام كوك " العيش والعمل في الأرض المقدسة فريضة مقدسة وإلهية" ويقصد هنا الزراعة حيث قامت الهجرة اليهودية بالبداية بإنشاء الكيبوتسات والمجمعات الزراعية الكبيرة, حيث اعتبر هذا الحاخام الزراعة والعمل في فلسطين بأنها فريضة تعادل في قيمتها الفرائض الدينية الأخرى.
وبعد حديث زرقاء اليمامة تاهت ليلتي مع انتهاء كأس قهوتي وتسللت مرة أخرى من شرفة نومي زرقاء يمامتي لتخبرني بضرورة اهتمام السلطة الفلسطينية بالقطاع الزراعي , واعتبار الاستثمار في الزراعة في الوقت الراهن بأنه ضرورة وطنية وأخلاقية.
عن التوقعات الحذرة لزرقاء اليمامة أتحد ث !!
بقلم / حسن عطا الرضيع
باحث اقتصادي/ غزة