المصالح الفلسطينية العليا إلى أين ؟

بقلم: أكرم أبو عمرو

اكتب هذه الكلمات مباشرة بعدما قرات خبرا حول تراجع دولة الباكستان عن التدخل المباشر في الحرب الدائرة في اليمن ، وذلك بانضمامها إلى قوات التحالف العربي ، استجابة لقرار البرلمان الباكستاني الذي لم يسمح للحكومة بالتدخل حفظا على مصالح باكستان العليا ، نعم لباكستان علاقات خاصة بالمملكة العربية السعودية ، حيث كانت المملكة العربية السعودية من اكبر الدول الممولة للمشاريع الباكستانية خاصة مشاريعها النووية ، بل إن المملكة احتضنت رئيس الوزراء الحالي لباكستان نواز شريف بعد الانقلاب العسكري ضده والذي قاده الجنرال برويز مشرف ، إلى أن عاد لباكستان ، لم تشفع هذه العلاقات من اجل مشاركة باكستان إلى جانب المملكة العربية السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن ، وكانت الحجة الباكستانية هو عدم تعرض السعودية لخطر مباشر يقتضي تدخل باكستان ، وأسباب أخرى تتعلق بمجاورتها لإيران ، لذلك رأت أن التدخل العسكري في حرب اليمن ليس في صالح الباكستان وشعبها .
من هنا يمكن الاستفادة من الدرس الباكستاني لتغليب المصلحة العليا للدولة والشعب ، بعيدا عن المصالح الحزبية والفئوية والأجندات الخارجية ، فأين نحن من هذا ؟ أين نحن من المصلحة العليا لشعبنا ، أين نحن من مقارعة الاحتلال الجاثم على صدورنا منذ عشرات السنين مشكلا أطول احتلال في التاريخ ، أين نحن من وحدة شعبنا التي بدونها لن نكون شعبا ولن تكون لنا قائمة ،أين نحن من المعاناة اليومية التي يواجهها شعبنا في كل مكان من هذا العالم ،.
المشهد الفلسطيني اليوم في أسوأ حالاته على مر تاريخ صراعنا مع عدونا ، فعلى الصعيد الداخلي ما زالت إسرائيل تتحكم في كل مقدراتنا فهي التي تسيطر على أرضنا ومياهنا وسماءنا ، إسرائيل ما زالت تمزق أرضنا وشعبنا ، إسرائيل ما زالت تتنكر لحقنا في تقرير مصرينا ، ومع ذلك فإننا ترانا نقوم بدعم إسرائيل في خططها للسيطرة الكاملة على أراضينا وسلب مواردنا بل وطردنا من ديارنا ، نعم نقوم بدعم إسرائيل بتشرذمنا وصراعاتنا التي لم تنته ، ومناكفاتنا ، والمصالح الحزبية والفئوية السائدة والمتحكمة في سياساتنا وممارستنا . ولعل ما يجري اليوم من صور الصراعات وتحكيم المصالح الحزبية خير دليل على مدى الانحطاط السياسي الذي وصل إليه الحال الفلسطيني ، والذي بدور ينعكس على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فمسالة الانقسام الفلسطيني التي بدأت في العام 2007 وحتى الآن ، حيث العديد من المبادرات والحوارات في أماكن مختلفة في سوريا والسعودية ومصر وقطر واليمن وفي فلسطين ، أسفرت عن اتفاقات كثيرة آخرها اتفاق الشاطي ، ومع الأسف لم ينفذ من هذه الاتفاقات أي منها أبدا ، والغريب أنه كلما اقتربنا من الاتفاق على التنفيذ ويستبشر المواطن الفلسطيني خيرا تخلق مشكلة أو مشاكل تمنع التنفيذ وتبدأ على الفور أعمال الردح والردح المضاد والسب والتخوين والمزايدات عنوانها الحرص على المصلحة العليا لشعبنا والنتيجة استمرار البؤس والشقاء لقطاعات عريضة من شعبنا ، ولم تشفع لنا ثلاث حروب جائرة راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى وآلاف البيوت المدمرة حتى الآن يعيش أصحابها في العراء بدون مأوى ،
النتيجة أننا نتسبب بأيدينا في معاناتنا وبصراحة نعفي عدونا من تحمل مسؤولياته ، لأننا طالما أننا مشغولون بأنفسنا فعدونا في قمة السعادة لتوفيرنا الراحة له للاستمرار في تنفيذ مخططاته لاستكمال سيطرته على أرضنا وإقامة مشاريعه الاستيطانية وتوسيعها بل وتحقيق خطته الإستراتيجية بتكوين الدولة اليهودية الخالصة .
هذا ما يجري في الداخل الفلسطيني ، أما ما يجري في الخارج في الشتات فلعل الموضوع الأبرز هذه الأيام ، ما يجري في مخيم اليرموك ، المخيم الذي كان يوما مدرسة للثورة الفلسطينية المعاصرة ، هذا المخيم الذي كان منذ فترة ليس بعيدة وابان الازمة السورية الحالية كان الملجأ والملاذ الأمن حتى لإخواننا السوريين من هول المعارك والقذائف المختلفة الأشكال ، وكان سكان المخيم قادرين على توفير الأمن والمساعدات لهؤلاء المنكوبين ، ليتحول المخيم بين عشية وضحاها إلى اكبر مأساة إنسانية في المنطقة بعد أن تعرض للقصف والحصار والقتل والتشريد لدرجة أن تعرض العديد من ابنائة للموت جوعا ، والسبب هو الاختلافات الفلسطينية الفلسطينية بين مواجهة وعدم مواجهة الاعتداءات على المخيم من جهة ، ومن جهة أخرى انحياز بعض الأطراف الفلسطينية إلى أطراف متصارعة حسب الانتماءات العقائدية والسياسية دون الأخذ في الاعتبار المصالح العليا لشعبنا ، والغريب آن الاختلافات ما زالت قائمة على الرغم مما لحق بالمخيم من مأساة راهنة بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية علية .
السؤال الآن إلى متى سوف نبقى رهينة صراعاتنا واختلافاتنا الحزبية والعقائدية ، إلى متى سوف يظل شعبنا يدفع ثمن عدم التوازن في العلاقات العربية العربية ، ألا ننظر إلى باكستان وكيف غلبت مصلحتها الوطنية ، ألا ننظر إلى الأخطار المحدقة بنا من قبل عدونا الذي يرقبنا عن قرب ، ونحن الذي نوفر له فرص نجاح مشروعاته الاستعمارية ، إلى متى نضع المصلحة الفلسطينية في الترتيب الأول لأولوياتنا ، أما باقي التفاصيل فنجعلها ثانيا وثالثا ورابعا . إلى متى نصبح شعبنا محترما كما كنا من قبل ، يشار إلينا بالبنان ، ونكون مضرب المثل في الوحدة والصمود والإرادة والقوة في مواجهة عدونا ، أننا وعلى الرغم من أن ما نراه اليوم لا يبشر بأي خير ، إلا أن الأمل يبقى يراودنا في مستقبل أفضل عنوانه الرئيس فلسطين .

أكرم أبو عمرو
غزة- فلسطين
12/4/2015