على علماء الأمة الإسلامية وأد الفتنه قبل استفحالها وايقاف اقتتال المسلمين بعضهم ببعض

بقلم: علي ابوحبله

الشريعة الاسلاميه جاءت لحفظ صلاح البلاد والعباد وتحريم اقتتال المسلمين بعضهم ببعض وحرب اليمن تهديد لوحدة المسلمين وما يجري في اليمن والعراق وسوريا مخالف لشريعة الإسلام وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتمعن في معاني الشريعة الاسلاميه نجد ان هناك تعارض بين ما يدعو اليه علماء السلاطين وما يفتون به من تشريع للاقتتال المسلمين ومن هذه التي يدعو اليها البعض لفتنة مذهبيه الهدف منها سفك دماء المسلمين واقتتال بعضهم ببعض وان هذه الفتاوى التي تشرع لاقتتال المسلمين هو امر يتعارض والشريعة الاسلاميه لان الذي جاءت فيه الشريعة

هو بحفظ الكليات الخمسة، ، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ المال، وقد شرعت الشريعة لحفظ النفس أموراً كثيرة، ومن ذلك تحريم قتل النفس البريئة، وتحريم قتل النفس بغير حق، وجاءت ببيان الموقف الصحيح في الفتن.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ سورة آل عمران102.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا سورة النساء1.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً سورة الأحزاب70-71.

لقد جاءت هذه الشريعة بحفظ أمور خمسة مهمة، في قيامها صلاح البلاد والعباد، وفي الحفاظ عليها استمرار لبقاء هذا الجنس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ المال، وقد شرعت الشريعة لحفظ الدين تقويم أركانه، بالإيمان والإسلام، والجهاد في سبيل الله وغير ذلك، شرعت الجهاد لحفظه، شرعت الإيمان والإسلام لإقامة أركان الدين، وشرعت الجهاد لحفظ الدين، وجاءت عقوبة المبتدعة في الشريعة لحفظ هذا الدين، ومن أجل قيامه واستمراريته، وشرعت لحفظ النفس إباحة الأطعمة والأشربة والمساكن، وشرعت لحفظها الدية والقصاص، وشرعت لحفظ النفس الدية والقصاص، وشرعت لحفظ النسل النكاح وأحكام الحضانة والنفقة، وشرعت لحماية النسل حد الزنا وغيره، وشرعت لحفظ العقل تناول ما يقويه من الأطعمة، وهكذا، وشرعت لحفظه تحريم المسكرات وحدودها، وشرعت لحفظ المال إباحة أصل التعاملات المختلفة بين الناس، وشرعت لحفظ المال تحريم السرقة، وحد السرقة، وغير ذلك.

فيتبين إذن كمال هذه الشريعة فيما جاءت به من الحفاظ على هذه الضروريات، وحديثنا في هذه الخطبة، وكنا سنتكلم عن موضوع يتعلق بمنكرات الأفراح، فأجلنا ذلك للخطبة القادمة، ولعله يكون فيه خير.

فأما حفظ النفس فإن الشريعة قد جاءت بأمور كثيرة، وهذا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يشهدان بما جاءت به هذه الشريعة، من أجل حفظ النفس، فمن ذلك مثلاً تحريم قتل النفس البريئة، تحريم قتل النفس بغير حق، وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً سورة النساء93، وقال صلى الله عليه وسلم: (أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار)، قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: (إنه كان حريصاً على قتل صاحبه) ، فمن أجل ذلك لا يجوز التواجه بين مسلمين بالسلاح أبداً، إلا ما جاءت به الشريعة من الأمور المبيحة للدم، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا شهر المسلم على أخيه سلاحاً، فلا تزال ملائكة الله تلعنه حتى يشيمه عنه)يعني: يغمده في غمده ويخفيه.

ولعظم النفس المقتولة عند الله فإنه صلى الله عليه وسلم قد بيّن بقوله: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) ، فهؤلاء القتلى والجرحى من الأبرياء أول ما تؤخذ الحقوق لأهل الموقف يوم القيامة تؤخذ لهم، لعظم حرمة دماء المسلمين عند رب العالمين، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله عز وجل في النار) ، دم المؤمن غالٍ، دم المؤمن محرم، دم المؤمن قيمته كبيرة جداً، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة، ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً)، هذان العرقان، عرقا العنق الودجان يشخبان دماً، ينزفان بغزاره (يقول: يا رب، قتلني هذا، حتى يدنيه من العرش) ، وفي رواية: (ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل، فيقول: أي رب، إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان)، قتلت هذا الرجل لأرفع من شأن رئيسي في الدنيا، ولتكون العزة لمتبوعي في الدنيا،(فيقول الله عز وجل: إنها ليست لفلان) إن الملك لله الواحد القاهر، (فيقول الله: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه) ،(لا تقتل نفس إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها)؛ لأنه أول من سن القتل، فقتل أخاه ظلماً وعدواناً، وقال صلى الله عليه وسلم:(لزوال الدنيا أهون على الله) لزوال الدنيا كلها بأسرها (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله) سر وفرح، (من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) ، حتى يتوب إلى الله توبة نصوحاً، هذا الحديث مقيد بالتوبة، توبة إلى الله، توبة نصوحاً.

والله الذي لا إله إلا هو لقتل رجل مسلم واحد أعظم عند الله من هدم الكعبة حجراً حجراً، قتل امرئ مسلم واحد بغير حق أعظم عند الله من هدم الكعبة حجراً حجراً.

ولأجل ذلك أيضاً، لأجل حفظ النفس جاءت الشريعة بعقوبة الانتحار، وعظمه، وهذه الكبيرة العظيمة، التي أخبر صلى الله عليه وسلم في شأنها (من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).

ولأجل حفظ النفس أيضاً جاءت الشريعة بتبيان الموقف الصحيح في الفتن، فإن الفتن نعوذ بالله من الفتن، لا تبقي في صاحب عقل عقلاً، تدع الحليم حيران، وتفضي إلى التقاتل بين الناس، الفتن حتى لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قُتل

هذه الفتنة، بين المسلمين اليوم والتي تسيل فيها الدماء بلامبرر نسأل الله أن يجنبنا هذه الفتنة، هذه الفتنة جاءت النصوص الشرعية في توضيحها، وتوضيح الموقف فيها، والتحذير منها، جاءت النصوص من الصادق المصدوق، الحريص على أمته، الشفيق عليهم، صلى الله عليه وسلم يبين الموقف في الفتنة، الفتنة التي قد تقع بين المسلمين أنفسهم، هذه الفتنة ينبغي أن يكون فيها للمسلم بصيرة، ونور من ربه، قال عليه الصلاة والسلام: (ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتلة جاهلية، ومن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه)، ليس مني، يقول عليه الصلاة والسلام: (فليس مني ولست منه)، هذا الذي يفعل هذا الفعل.

وقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به).

فما هو الحل إذا اضطرمت الفتنة بين المسلمين؟ الحل تهدئتها، الحل إيقافها، الحل منع وقوعها قبل أن تقع أصلاً، الحل القضاء على أسبابها، وجذورها، ويحذر صلى الله عليه وسلم من تأجيج نارها، وقدح أوارها، يحذر صلى الله عليه وسلم من تأليب الأطراف بعضهم على بعض، يحذر صلى الله عليه وسلم من أي عمل يزيد الفتنة، فيقول: (القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي)، وهكذا، وفي رواية: (القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دُخل على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم)، لماذا لم يقل له: قم فقاتل من دخل عليك في الفتنة، حتى لا تزيد الفتنة، ولا يزيد اضطرابها، وإنما يكون فيها كخير ابني آدم، ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إن كان المعتدي عليه كافراً وجب دفعه؛ لإظهار علو الدين، وإن كان مسلماً في وقت الفتنة، كل منهما يظن أنه على حق ربما، قال الإمام أحمد: دفع الصائل جائز لا واجب في حال المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حال الفتنة: (اجلس في بيتك)، وقال: (تكون فتن، فكن فيها عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل) .

إذن جاءت هذه الشريعة بالقضاء على الفتن، والموقف منها. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة، فقال: (إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أمانتهم، وكانوا هكذا – وشبك بين أصابعه – وكانوا هكذا) يعني في هرج ومرج، قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: (الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة)، فالشخص إذا كان في موقع الفتنة، في وقت الفتنة، في مكان الفتنة، ينبغي عليه أن يسعى لتهدئتها، وأن يسعى إلى إيقافها، فإن لم يملك ذلك، واضطربت عليه الأمور، وتكاثر الخائضون في الفتنة وجب عليه أن يعتزل، ولا يشارك فيها، ولا في أحد من أطرافها، وإنما يلزم بيته، ويملك عليه لسانه، يمسك هذا اللسان، يمسكه، فإن اللسان يزيد الفتنة اشتعالاً، ويزيد الفتنة اضطراباً، إذا لم يستغل في الإصلاح بين الناس، وفي تهدئة الأمور، انشغل بنفسك، يقول: (عليك بأمر خاصة نفسك)، اعبد الله حتى تلقاه سليم الصدر من هذه الفتن، وقال صلى الله علي وسلم: (إنه ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيراً من الجالس، والجالس فيها خيراً من القائم، والقائم فيها خيراً من الماشي، والماشي فيها خيراً من الساعي)، قال: يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: (من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه)، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: (فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على حرة – على صخرة عظيمة – ثم لينجو ما استطاع النجاء) حتى لا يكون هذا، لماذا قال ذلك؟ حتى لا يكون سبباً في زيادة الفتنة، وزيادة الدماء، نسأل الله السلامة.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً، وأردفني خلفه، ثم قال: (أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد، حتى لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك، ماذا تفعل)، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (تعفف) قال: (أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس موت شديد حتى يكون البيت بالعبد) القبر يشترى بالعبد لغلاء القبور وقلتها، وكثرة الموتى، (كيف تصنع؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (تصبر) وفي رواية: (اصبر)، (يا أبا ذر أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضاً، حتى تغرق حجارة الزيت في الدماء)، وهي حجارة معروفة في المدينة، (كيف تصنع؟) قال: الله ورسوله أعلم، قال: (اقعد في بيتك، وأغلق عليك بابك)، قال: أرأيت إن لم أترك؟ قال: (ائت من أنت منه فكن فيهم)، قال: فآخذ سلاحي؟ قال: (إذن تشاركهم، ولكن إن خشيت أن يروعك شعاع السيف) من الطاغية المعتدي على رأسك، (ولكن إن خشيت أن يروعك شعاع السيف فألق طرف ردائك على وجهك يبوء بإثمه وإثمك). هذا طرف من حديث طويل يتعلق بتهدئة الفتنة، وعدم الاشتراك فيها، وعدم تأجيج نارها، ألا فليتق الله أناس يطوفون في المجالس والمجامع يؤججون نار الفتنة، ويحرضون الأطراف بعضهم على بعض، والواجب تقوى الله، وتسكين الأمور حتى يسلم للمسلمين دينهم.

وان ما جاءت بها الشريعة في حفظ النفس، الإصلاح بين المتخاصمين، قال الله عز وجل: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي سورة الحجرات9، إذا كان قتال التي تبغي يسكت التي تبغي فعلاً، إذا كان هناك سلطان للمسلمين يقهر الفئة الباغية، فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ سورة الحجرات9-10.فالمطلوب اليوم من علماء الامه الاسلاميه وأد الفتنه بين المسلمين ووقف الحرب على اليمن وقتل المسلمين بوجه غير حق وكذلك قتل المسلمين في العراق وسوريا وليبيا وسائر بلدان المسلمين وهذه الفتن مخالفه لتعاليم الاسلام وعلى علماء الامه قول الحق واصلاح المسلمين وحقن دمائهم لانهم مسائلون امام رب العباد يوم القيامه.

بقلم/ المحامي علي ابوحبله