أتابع عن كثب خطط السيد رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، فيما يخص محاربة الفساد المالي والإداري الذي ابتُليت به بعضا من وزاراتنا ومؤسساتنا، والذي انتشر بشكل مُرعب خلال السنوات الأربع الأخيرة على وجه التحديد، لدرجة أن بعض مدراء ووكلاء ومسئولي بعض الوزارات استغلوا مواقعهم لمصالحهم الخاصة فسرقوا ونهبوا المال العام وعينوا من شاءوا من الأقارب والأصدقاء أو الأنسباء، وهذا اثر بصورة كبيرة على سمعة الحكومة أو الوزارة التي يعملون تحت كنفها وأرهقتها ماديا.
فقبل يومين كشف رئيس الوزراء الحمد الله، في ورشة عمل حول الإستراتيجية الوطنية للفساد أن حكومته ستقدم خلال الفترة القادمة، إلى محكمة مكافحة الفساد عدة ملفات فساد لشركات تتصرف بالمال العام، مشيرا إلى أن جزءاً من الأزمات المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية يعود إلى عدم قيام الشركات بتسديد التزاماتها المالية، والتصرف بالمال العام، مؤكدا أن مكافحة الفساد تستدعي ليس فقط إقرار الإستراتيجيات والخطط، بل تفعيل البنية التشريعية والقانونية الناظمة لعمل الحكومة، وكل المؤسسات والأفراد، إضافة إلى تعزيز دور وقدرات كل مكونات العمل الرقابي، وتمكين الجهات والمؤسسات المسئولة عن إعمال القانون بما يضمن ملاحقة مرتكبي جرائم الفساد ومعاقبتهم، معتبرا أن الجهود التي تبذل لمحاربة الفساد واجتثاثه لا يمكن أن تكتمل أو تتحقق دون محاسبة مرتكبيه واسترداد المال العام، مؤكدا أن الحكومة لن تتهاون في جرائم الفساد، وسيتم ملاحقة مرتكبيها أينما كانوا.
إن الفساد ظاهرة طارئة في المجتمع الفلسطيني، وهي تعكس حالة سلبية جدا بين أبناء الوطن الأصلاء الغيارى، وهي ليست حالة شمولية بدليل أن هناك الكثير الكثير من أبناء شعبنا، لا يرتضون بوجود مثل هكذا حالة سلبية في ربوع وطنهم الكبير، ولذا كانت ضرورة تشكيل هيئة لمحاربة الفساد والذي يرأسها الأخ أبو شاكر النتشة، والتي لولا تعاون أبناء الشعب لما كان لعمل هذه الهيئة أن يرى النجاح وكان مصدر معلوماتها ووثائقها هو من نفس الدوائر التي تواجد فيها الفساد وهذا دليل آخر على رفض المجتمع الفلسطيني لهذه الظاهرة السيئة في أرضه وكانوا الذين يشيرون ويدلون على المفسدين المتواجدين بينهم.
ولا نبالغ هنا لو قلنا إن محاربة الفساد والقضاء عليه لا يكون من قبل طرف دون الأخر وهما كلا من (المواطن والحكومة) ولابد من تضافر الجهود ورص الصفوف للوقوف بوجه هذه الحالة الغير صحية في جسم وزارتنا وهيئاتنا ودوائرنا، كونها تمثل سرطانا ينخر في جسد فلسطين، ويستهلك الحالة الاقتصادية لأهله ومنها وجب على الحكومة اتخاذ التدابير القانونية الصحيحة لمحاربة هذه الظاهرة وعلى الحكومة سن القوانين اللازمة والرادعة لضعاف النفوس الذين يحاولون استغلال المنصب والمواطن البسيط من اجل تنفيذ المآرب الدنيوية الضيقة، وهناك واجب مهم يقع على عاتق المواطن كونه يمثل الحلقة الثانية في الموضوع وهو كشف المفسدين واللصوص والطالبين للرشوة وعلى الملأ دون خوف من أي شيء كي تتمكن الحكومة من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، فلتتضافر الجهود بين الحكومة والمواطن في هذا المجال ولتوضع اليد باليد من اجل محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها وبشكل نهائي.
إن محاربة الفساد المالي والإداري وبكل أنواعه هو هدف من أهداف دوائر القرار في الرئاسة والحكومة والرأي العام الفلسطيني والتوافق واضح، فلا اعتقد أن هناك مسئولا يستطيع أن يقول في يوم ما عن الفساد بأنه ضرورة مرحلية أو له انعكاسات ايجابية، فمحاربته من الثوابت الوطنية والشرعية والأخلاقية، فالمطلوب الآن على مستوى دوائر القرار والإعلام أن تقوم بحملة كبيرة ومنظمة ومن خلال إيجاد تشريعات قاسية واليات مرضية لمحاربة الفساد والرشوة, ومع الحملة هناك جهد تثقيفي واسع يوازي الجهد الإداري والقانوني وبهذا قد نصل إلى هدفنا المنشود.
وأخيراً إننا على يقين بأن رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله وحكومته يدا بيد مع أبناء شعبنا الحر والشريف، ضد الفساد وسيعلنون معركة شرسة ومكلفة وستتكلل بالنجاح في ما إذا توفر الإصرار والرغبة في خوضها لدى القائمين عليها وكذلك الجدية والحكم القضائي القاطع بحدوده القصوى، وعندها سنجد الفاسدين والمرتشين واللصوص يرشد أحدهم على الآخر، وتنتهي بذلك معاناة أبناء شعبنا من الآفة المستشرية التي أسسها الفساد المالي والإداري.
بقلم/ رامي الغف