راجعت قائمة أغنى أغنياء العالم التي تصدر عن مجلة "فوربس" ووجدت أن اسمي ليس بين أول مئة ثري، بل إن هؤلاء لا يضمون واحداً يمتّ إليّ بصلة قربى لأحقق حلم العمر أن أكون عاطلاً بالوراثة.
وهكذا فأنا اليوم أكتب عن الأثرياء بدل أن أكون منهم، والقائمة الجديدة لا تختلف كثيراً في ترتيب الأسماء عنها السنة الماضية، في المجلة نفسها، والأميركي بيل غيتس، مؤسس مايكروسوفت، هو الأول وله ثروة بمبلغ 79.2 بليون دولار، وبعده المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم وله 77.1 بليون دولار، ثم رجل المال الأميركي وارن بافيت وله 72.7 بليون دولار، ثم أمانسيو أورتيغا، مالك متاجر زارا، وله 64.5 بليون دولار، ثم الأميركي لاري أليسون، مالك أو ملك التكنولوجيا وشركة أوراكل، وله 54.3 بليون دولار.
وهكذا فبين أول خمسة أثرياء في العالم ثلاثة أميركيين، ووجدت بين أول عشرة أثرياء سبعة أميركيين، والرقم عشرة للفرنسية ليليان بتنكور، مالكة شركة لوريال، ولها 40.1 بليون دولار.
لم أجد في قائمة المئة الأوائل أي عربي سوى الأمير الوليد بن طلال وله 22.6 بليون دولار. وأذكر أنه قاضى مجلة "فوربس" في السابق مصرّاً على أن ثروته أكبر مما سُجِّل له. معنى هذا أنه لا يدفع ضرائب في بلاده لأنه لو كان يفعل لأنكر ما يملك فعلاً، وادّعى أنه يعيش على الضمانات الاجتماعية السعودية، وهو ما حاولت أن أزعم يوماً لمصلحة الضرائب البريطانية فلم يصدقني أحد.
عندنا مَثل لبناني، لعله شامي أيضاً، هو: المال يجرّ المال والقَمْل يجرّ السيبان. وقد لاحظـــت أن كلاً من كبار أصحاب البلايين زادت ثــروته هذه السنة عنها السنة الماضية بيــن بليون دولار وثلاثة بلايين، وهي أرقام توازي الموازنة السنوية لبلد فقير سكانه عشرة ملايين أو نحو ذلك.
أبقى مع أغنياء العالم، فالكل يحبهم أو يحب فلوسهم، وما أعرف عن قادة قائمة المئة أن غيتس وبافيت ينفقان جزءاً كبيراً من ثروتيهما على الأعمال الخيرية ومكافحة الأمراض في البلدان الفقيرة. أما كارلوس سليم فمخلص لجذوره اللبنانية، ويعتقد أنه سيعيش إلى الأبد.
شخصياً، سأعتبر نفسي ثرياً إذا جاءني بيل غيتس يوماً وطلب مني قرضاً ليتدبر أمره حتى نهاية الشهر عندما يقبض مرتّبه. هذا لن يحدث، ولكن ما هو حادث فعلاً أن للأثرياء إعفاءات ضريبية على يخت أو عقار أو تقاعد، بل أيضاً على خسائر في القمار.
على سبيل المقارنة، الفقير هو الذي لم يذقْ طعم اللحم إلا عندما عضّ لسانه، والثري هو الذي وجد أن كلبه وحيد لا أصدقاء له فاشترى له ولداً ليلعب معه. ثم هناك ثري الحرب الذي اشترى سجادة عجمية وهو يعتقد أنها مصنوعة من عجم.
بالمناسبة، قائمة "فوربس" لا تتوقف عند الرقم مئة، فهي تقدم للقارئ 1500 إذا شاء. وهناك قوائم بأثرياء كل دولة، وقد بحثت عن أثرياء بلادنا ووجدت أربعة في المغرب، وواحداً في الجزائر، وأربعة في مصر، وأيضاً أربعة في الإمارات العربية المتحدة، واثنين في الكويت، وستة في المملكة العربية السعودية. وفي كل بلد عربي تقريباً ضمّت الأسماء شقيقَيْن هنا أو هناك.
في قاموسي الشخصي الغنى هو الغنى عن الناس، فلا يحتاج الإنسان إلى الوقوف على أبواب الآخرين. طبعاً القارئ وأنا غنيان بأخلاقنا، وكان أفضل لو كنا أغنياء بالأخلاق والمال. واحد من اثنين أفضل من لا شيء.
جهاد الخازن