طريق " ولا مرة " طريق طويل بالإخفاقات يسجل في كل مرة فشل قيادة رام الله التي لم تنجز مرة وكل مرة ولم تتعظ ولا مرة في أنها قرأت خطأً واقع فتح غزة وها هي تسير في نفس العناد ولكن على ما يبدو لآخر مرة
تظهر الآن وبوضوح احتمالات ثلاث للأسف وهي ليست خيارات بل هي نتائج للفشل القيادي في إنهاء أو حتى إدارة الانقسام لأن المطلوب في الحالتين رفع المعاناة عن شعب غزة واستعادة وحدة الشعب الفلسطيني وليس التقاسم والمحاصصة أو الإقصاء والاستئصال كما يحدث بفجاجة لا تبشر نهائيا بعودة الوحدة الجغرافية والسياسية للشعب الفلسطيني
الاحتمال الأول الذي يطفو على السطح أن غزة قد تعبت وتعب أهلها وحماس تحكمها بالحديد والنار وتبحث عن التكويش والبقاء بقوة في الحكم والنظام السياسي دون تنازل عن المميزات خوفا من مستقبل التلاشي ولذلك هي تريد بقاء عناصر قوتها في أجهزة وإدارات ووزارات غزة معتمدة على بقاء موظفيها وعناصرها الأمنية مسيطرة ليس للوظيفة والراتب بل للحماية والاستخدام عند الضرورة لأنها تعرف أن مصيرها على المحك وهي تقاتل المعركة الأخيرة وقوتها مستمدة من سلاحها سواء في وجه العدوان أو في وجه الاحتواء بعودة السلطة المركزية ثم الطرد عبر انتخابات قادمة ولهذا تحاول في كل مرة أن تطلق فكرة آخرها ادارة فصائلية لتسهيل عمل الحكومة لحين المصالحة المستحيلة وآخر آخرها إدارة غزة ككيان مستقل له حكومة وميناء وله منافذ على العالم عمادها هدنة طويلة مع الاحتلال.
الاحتمال الثاني استمرار الحال على ما هو عليه مادام هناك حكومة وفاق تراجع عنها الوفاق وبقيت لها مسئولية دفع المال والمتطلبات والالتزامات المعهودة وتبقى حماس خارج المسئولية المالية وهذا يريحها كحزب لكنه لا يريح الشعب ومعاناته الغائبة عن طرفي الانقسام.
الاحتمال الثالث هو حدث بات غير مألوف أو غير متوقع ولكنه ممكن مثل انتفاضة الشعب أو حرب على حماس من مناوئيها في الاقليم اسرائيل أو العرب.
وفي مقابل هذه الاحتمالات يبقى خيار واحد صعب على حماس وعباس وهو انتخابات جديدة وهو يتطلب بالتأكيد المصالحة لأنهم لا يملكون إرادة ذلك وأن الانقسام بدأ فلسطينيا وانتهى إلى أن الحل ليس فلسطينيا.
من كل هذه الاحتمالات الثلاث وذاك الخيار الوحيد الذي تحدثت عنه أعلاه نرى أن أول الاحتمالات وأقربها حدوثا هو إدارة غزة ذاتيا ولها منفذ وأقل ضغطا وهدنة طويلة قد يصبح مغريا لأهلها وسياسييها وفصائلها قد تبدأ على استحياء ومن ثم ينصاعون لحاجة الشعب ومواقعهم في الادارة الجديدة في غياب الأمل بالمصالحة وإذا لم تقرأ السلطة المركزية واقع غزة جيدا وتقتنع أن فتح موحدة سيكون الدرع الواقي لما قد يحدث في المستقبل القريب من تجزيئ القضية والجغرافيا وأنا على يقين أن مصالحة حقيقية وعاجلة داخل فتح ستصصح المعطوب وتعزز الصمود لشعبنا وتعجل في الضغط على حماس للالتحاق بالطريق الوطني وتقديم التنازلات بعيدا عن الإخوان ومشاريعهم وسيكتفي الاخوان مرحليا بوجود حماس داخل النظام السياسي الفلسطيني وليس الاستئصال والإقصاء لأنهم في مرحلة الحفاظ على الذات ولو مؤقتا بعد الضربات المتتالية وفقدان مركزهم في مصر.
ولكي لا تسجل قيادة رام الله فشلا آخرا على طريق "ولا مرة" تحتاجون المراجعة الجادة والسريعة في وقف تدمير فتح فالوقاية خير من العلاج قبل أن تحدث الكارثة.
بقلم/ د. طلال الشريف