لهذا مازال دحلان منقذا لفتح والتيار الوطني والمستقبل

بقلم: طلال الشريف

بغياب ياسر عرفات قبل عقد من الزمان تغير الواقع الفلسطيني تغيرا دراماتيكيا نتيجة للانقلاب الذي أحدثته شخصية ونهج الرئيس عباس حيث يلعب رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة في فلسطين دورا أخطر مما تصوره السياسيين الفلسطينيين عامة والسياسيين الفتحاويين بصفة خاصة في نظام سياسي مازال يتشكل ولم يبعد كثيرا عن شخصية الفرد القائد حيث يتداخل الوطني مع الاجتماعي في هذه الحالة الفريدة من تاريخ شعبنا وقضيته، بل مازال الوطني طاغيا على الاجتماعي بسبب استمرار الاحتلال وتأخر تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

ولأن فتح بتاريخها ومسيرتها وقائدها وتأثيرها في القرار الفلسطيني العام على شعبنا من حيث مركزيتها في التيار الوطني الغالب بعدده وعمق ثقافته الوطنية، وتأثير فتح في القرار الفلسطيني العام هو الأهم حيث لعبت فتح وقائدها وتلعب وستلعب للعقدين القادمين دور الحزب القائد لمسيرة الشعب والقضية ولذلك يبقى التركيز على مكوناتها وصنع القرار في داخلها والأهم شخصية من يقودها حيث لم تغادر قيمة ومكونات ومكنونات وتصرفات ومفاهيم قائد فتح الدور المفروض واقعيا وعمليا عليه وعليها وعلى الشعب الفلسطيني ومستقبله.

ولان انقلابا قد حدث في العشر سنوات الأخيرة بعد مجيء قائد فتح الحالي أبو مازن وفشلت كل مخططات ياسر عرفات بسبب اختيار شخصية مثل أبو مازن وهي مغايرة تماما لمتطلبات مواصلة مرحلة ما بعد ياسر عرفات الذي شكل نجاحا في الحفاظ على وحدة فتح أولا ووحدة الشعب والبندقية وإدارة الأزمات فكان صماما للأمن والاستقرار والوحدة.

أخطأ الفتحاويون في الاختيار أو لم تكن لهم الارادة في الاختيار بسبب بيروقراطية النظام الداخلي الفتحاوي وتأثيرات خارجية ناتجة عن طبيعة التداخلات الكثيرة في الشأن الفلسطيني والفصائلي والجغرافي والمالي فكان اختيار شخصية جنحت كثيرا نحو الكلاسيكية والنمطية التي كانت غير مناسبة للواقع الفصائلي أولا وللواقع السياسي في بلاد لازالت تحت الاحتلال وتحكمها غابة البنادق التي نجح فيها ياسر عرفات وفشل فيها أبو مازن حيث كان من المفترض وجود شخصية أخرى غير أبو مازن تجمع بين قوة الشباب والحيوية وقوة التنظيم وقوة السياسة ولها تجربة مباشرة بالاحتكاك المادي والمعنوي بالصراع داخل الأرض المحتلة والسجون والاحتكاك المباشرا بالشعب والتنظيمات في الضفة وغزة وهو الذي أكسب جيل آخر تجربتهم فكانوا أكثر خبرة مع الاحتلال وعلاقات الفصائل ببعضها على أرض المعركة والانتفاضة والسجن مضافا لها القيمة العمرية للشباب والقوة وكانت ولازالت ليس بحاجة لرجل طاعن في السن مثل أبو مازن له حسابات أخرى ثبت بالدليل القاطع أنه أخذ فتح للشيخوخة معه ومع نهجه فوقع المحظور وأخذت فتح في التدهور نحو الشيخوخة المبكرة وذهب معها الوطن والشعب وحتى المناوئين والمنافسين من الفصائل الأخرى فأصبحت الصورة كلها متهرئة وعاجزة وكأن الشعب الفلسطيني أصبح عجوزا مثل رئيسه في الشكل والمضمون وتورط في الكراهية والفقر والمرض والحصار والاكتئاب والسواد والكسل في الوقت الذي يعد شعبنا من أكثر الشعوب فتيةً وشبابا.

ضاعت عشر سنوات من عمر الشعب الفلسطيني هباءً بسبب قائد عجوز يغلب البطء والكره والانتقام على قوة التنظيم والحيوية في غابة البنادق ففقد السيطرة أولا على فتح فاختلف الفتحاويون وثانيا فقد السيطرة على الوطن فانقسم الوطن وتناسى حماية على الشعب فأصيب الشعب بالمرض وحتى فقد نموذج المنافس على المناوئين من الفصائل الأخرى فضعفت أحوالهم وتشرذمت الحالة الفلسطينية المتماسكة دوما فالربان لم يقدها بالشكل المطلوب فجعل شعبه شعوبا وجلس على تلها لا يدري ماذا يفعل.

وإذا أردنا نسيان تلك العشر سنوات وأسقطناها من حساباتنا نكتشف أن الحالة مازالت بحاجة لقائد فتحاوي قوي تقوى به فتح ويقوى به التيار الوطني المركزي ومنظمة التحرير ويعيد الحيوية لفتح وللتيار الوطني ولمنظمة التحرير وبعدوى الحيوية تعود الفصائل الاخرى للحيوية والمنافسة على أسس صحيحة حيث في حالتنا الفريدة مازالت تلعب شخصية القائد دورها الأبرز ومازالت مطلوبة لأننا لازلنا تحت الاحتلال ومع هذا الحال لا تفيد القيادة الجماعية بدون رمز وقائد حيث القائد الرمز الكاريزمي لعب ومازال يلعب دورا في مسيرة الشعوب الثائرة على الاحتلال عبر التاريخ والقيادة الجماعية بدون رمز قائد تفيد في ظروف أخرى لدول مستقرة ومستقلة ونحن لازلنا في مرحلة التحرر نحتاج قائدا رمزا يجمع حوله مؤسسة تتطور حسب احتياجاتنا في العقد القادم بدل الذي أضاعه الرئيس عباس.

ولأن دحلان هو الرجل الأقوى في فتح والأكثر قدرة على ادارة فتح والأكثر قدرة على ادارة العلاقات الاقليمية والعلاقات الدولية وهذا ما نراه ويراه شعبنا فيما حدث في العقد السابق فكيف لعضو في مركزية فتح أو داخل تنظيمها لم يجرؤ على بيان الاختلاف مع الرئيس يستطيع أن يقود شعب كما قلنا مازال في غابة بنادق داخلية وغابة وحوش ودهاء خارجية.

دحلان هو الشخصية التي ثبت أنها قادرة على قيادة فتح والشعب لفلسطيني في مرحلة ما بعد ياسر عرفات والتي مازلنا فيها اذا ما أسقطنا من حساباتنا عشر سنوات حكم أبو مازن ونحن مجبرين على اسقاطها ليستطيع الشعب النهوض واستعادة الحيوية بقائد قوي جديد ولا يصلح لمرحلة كهذه إلا رجل مثل دحلان الذي برزت قوته واكتملت تجربته بالصفات المطلوبة للقائد الرمز الجديد لفلسطين... لهذا مازال دحلان منقذا لفتح والتيار الوطني والمستقبل الفلسطيني الواعد.

بقلم/ د. طلال الشريف