حين تنطق حماس بالصمت !

بقلم: عماد أبو الروس

يتربعُ السابع عشر من ابريل على عرش الذاكرة الفلسطينية الحُبلى بأحداثٍ وتواريخ صنعت قضية شعبٍ مسلوب الأرض والهوية ، تاريخٌ لا يكاد يمرُ كل عام حتى يقف أكثر من 6550 أسير فلسطيني مازالوا خلف أسوار القيد في ظلمة السجن ، أبطالاً تنحي لهم هامة الوطن حباً ، وتُروى عنهم قصص الصمود فخراً .

اعتاد الفلسطينيون إحياء ذكرى يوم الأسير، وشريط الذكريات يعود قليلاً إلى الوراء مستذكرين السابع عشر من إبريل لعام 1974م وهو اليوم الذي يصادف ذكرى أول صفقة تبادل أسرى بين الثورة الفلسطينية وكيان الاحتلال الاسرائيلي، والذي أقر من المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م ليكون يوماً وطنياً داعماً لقضية الأسرى .

نظمت حركة حماس في هذا اليوم العديد من الفعاليات، وتخلل ذلك تصريحات وكلمات لقادتها شكلت تناغماً مع أبجديات خطابها الإعلامي ، والتي حملت رسائل ودلالات من "النطق الصامت" .

ولعل أهم ما جاء أمس ، الخطاب المقتضب للناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة ، والذي انتظره الجميع بشغف ، علهم يجدون في كلمته شيئاً مما تخفيه الكتائب في صندوقها الأسود الشي حير إسرائيل بعد ما بات واضحاً أن أنصاف المعلومات بين الطرفين لن تمر دون ثمن .

وقد ساقت كلمة القسام عدة إشارات هامة كانت كالتالي:

• التأكيد على قواعد أساسية خاصة بعدم تخلي كتائب القسام عن قضية الأسرى التي تعتبر ثابت من ثوابت أبجديات العمل المقاوم لها.

• حمل الخطاب القصير بعضاً من الإيماءات المغلفة والمبطنة ملؤها الأمل والتفاؤل للأسرى وذويهم، في إشارة إلى أن جعبة القسام مليئة بما يسرهم بالأفعال لا بالشعارات.

• إشارة منغصة للاحتلال زادت من إرباكه وسط الروايات المتعمدة التي كان ينشرها باحثاً عن طرف معلومة تخص جنوده المفقودين في غزة.

حماس أرادت أن توصل رسالة للاحتلال عبر تصريحات قادتها ، مفادها لا إفصاح عما في يدها حتى يفرج الإحتلال عن أسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم مرة أخرى قبيل حرب صيف 2014 على غزة ، وبذلك تكون حماس قد رمت الكرة في ملعب الاسرائيليين، وأرادت بذلك فصل ملف من تم اعتقالهم من صفقة شاليط عن ملف وفاء الأحرار2، بإستكمال ما تم إنقاصه من صفقة وفاء الأحرار 1، وهي مناورة حدقة من حماس تريد فيها إرباك الاحتلال وجعله دفع ثمن أي مخالفة او غدر يرتكبه لأي صفقة.

إضافة إلى ما سبق ، فقد نجح قادة حماس يوم أمس في إيصال رسالة أخرى للاحتلال وقادته ، بأنه لا مانع لدى الحركة للتدخل من أي وسيط، ولكن بشرط عدم انحيازه للاحتلال ، وفي ذلك إشارة بعدم لجوء حماس بالسعي لوساطة المصريين، أو قبولها على نفس أسس الوساطة السابقة في صفقة شاليط، لعدم تحملهم مسؤولياتهم تجاه وساطتهم لصفقة شاليط بعد أن أعاد الاحتلال اعتقال عدد من الأسرى المحررين في الصفقة.

في النهاية فإن المراقب لتفاصيل ما يجري ، يدرك جيداً بان حماس استفادت اليوم كثيراً في ملف التفاوض مع الاحتلال في ملفي صفقة وفاء الأحرار1 ، والإخفاقات التي سببتها مفاوضات التهدئة إبان معركة العصف المأكول وأرادت أن تستثمر ذلك أكثر على قاعدة " مفاوضات بلا تنازلات " وتحسين شروط التفاوض بما يخدم صالح الأسرى وصالحها، دون أي عثرات هنا أو هناك.

بقلم/ عماد أبو الروس