مضي عام على الاتفاق الاخير بين فتح وحماس والذي حمل اسم اتفاق الشاطئ وهو الاتفاق المكرر فلم يتعد ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة ,وهو الاتفاق الذي اعطي المواطن الفلسطيني حقنه تحت الجلد وما انتهى مفعولها حتى عاد المواطن الى حالة الاحباط الخطير الي اصابته بفعل التناكف والتراشق الاعلامي والتصريحات التي تؤذي كل المشاعر الوطنية , وما وصل المواطن من مؤشرات ان الامر يحتاج الى عشرات السنوات ليفهم المنقسمون ان المواطن هو الذي يدفع الثمن اولا واخيرا , مضي عام دون تنفيذ شيء سوي اعلان حكومة الوفاق الوطني وحتى اللحظة لم تتمكن الحكومة من بسط سيادتها على مقاليد الحكم بغزة ولم تتمكن حتى من اعادة ترتيب عمل الوزارات بغزة او استلام المعابر والامن وهو الجهة التي تحفظ للمواطن كرامته و تهيئ للحكومة العمل والاستمرار , الحكومة لا سلطة لها على القطاع هذا هو المستخلص الاخير والواضح من مضي عام دون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه .
جاءت الحكومة الى غزة في مهمة رسم معالم الطريق لتسير عليها عربة الوحدة الوطنية وتبدأ اول دوام بالوزارات حسب قرار مجلس الوزراء الاخير الا ان الوزراء منعوا من التوجه الى الوزارات وكأنهم اختطفوا وفرضت عليهم الاقامة الجبرية وبقوا في مقر اقامتهم , ولم يكن مجيئهم الى غزة مفاجئا بل ان هناك اتفاق بين الوزراء المقيمين بغزة وحماس على القدوم بل وان عناصر الامن بغزة كلفت بتسهيل مهام الحكومة وعملها لتنفيذ تفاهمات اعتماد موظفي التعليم والصحة مقابل استلام المعابر كخطوة اولى الا ان اعاقة الوزراء من التوجه الى وزاراتهم دون تحديد ما السبب ولماذا جعل الخلافات تتجاوز حدود الانقسام , الفصائل حاولت التدخل لتذليل العقبات لكن يبدون ان كل شيء عاد الى نقطة الصفر , وغادر وزراء حكومة التوافق غزة غاضبين والامر الان بات محرجا لكل من الحكومة وحماس , لكن السؤال التالي اليوم ما بعد غضب وزراء حكومة الوفاق و فشل مهامهم في غزة و فشل كل الوساطات ؟
هناك سؤالا يبني على الاسئلة السابقة واجابته قد تكون مقدمة سناريوهات هامة لحالة الوحدة الوطنية الممنوعة الا وهو هل كل اتفاقيات المصالحة و تفاهماتها كاذبة ؟ وان كانت اتفاقيات حقيقية فلماذا تفشل كل محاولات تنفيذها ؟ نقول ان الاتفاقات التي ابرمتها فتح و حماس مازالت اتفاقات على ورق تحتاج الى تنفيذ وهي حقيقية وليس كاذبة بل ان تنفيذها يبدوا انه يحتاج الى مزيد من الحوارات لكن ليس مع الطرف الذي تجري معه الحوارات كل مرة و يتعهد بان تقدم كل التسهيلات امام حكومة الوفاق لتحقيق عودة الوحدة الوطنية الى حالتها الطبيعية و بالتالي بات هاما ان تغير الحكومة الفلسطينية الطرف الذي تتحاور معه في حماس او بات مهما ان تتحاور مع كل قادة المكتب السياسي ومسؤولي اجهزة الامن الكبار حتى تضمن تهيئة حقيقة و اتاحة الفرصة امامها لتتناول القضايا العالقة حسب الاولويات وبالتدرج لإنهاء كافة ازمات القطاع وليس ازمة الموظفين في كلا الطرفين و المعابر.
بالعودة الى ماذا بعد غضب وزراء حكومة التوافق نقول ان الايام القادمة حرجة جدا في موضوع بقاء الاتصالات بين الطرفين وعدم انقطاعها وخاصة هناك تلميحات باعتزام السيد رئيس الوزراء القدوم الى غزة و التحدث مع قيادة حماس حول ما حدث و بالتالي فان رئيس الحكومة سيرفع تقريرا الى منظمة التحرير للقول الفصل في اخر ما حصل من تجاوزت باعتبارها تعدت حقيقة الانقسام , اعتقد ان الانقسام تعدي حدوده و اصبحت هناك خشية من السيناريو القادم وهو الفصل التام بين غزة والضفة الغربية وهنا ستكون ادارة منفصلة لغزة تقودها حماس تحت مسمي معين والمنظمة هي التي تدير الضفة الغربية تحت مسمي السلطة الفلسطينية التي تهيء الى اعلان دولة فلسطيني على كامل حدود العام 1967 وعاصمتها القدس لكن ما يجري الان يجعل من الدولة امرا فقط على ما تسيطر عليه السلطة وهذا قد يعيق اعتراف العالم بهذه الدولة .
حتى الامس كانت هناك حدود للانقسام تضيق و يتم حصارها في نقاط لكن اليوم اتسعت هذه الحدود وتجاوزت اختلاف البرامج واختلاف الرؤي الوطنية لان هذه الحدود بدأت تتعدي مجرد تهديد المشروع الوطني بل تصفية القضية بالكامل , كل ما حدث تجاوز هذه الحدود واصبحنا اليوم امام خوف حقيقي على مسيرة النضال الفلسطيني والخوف على وحدة التمثيل الفلسطيني كلل , مهما بلغت التجاوزات يبقي الخيار الاول والاخير امام الجميع هو خيار الوحدة وهذا يجب ان يفهمه الجميع ولا يذهبوا بخلافاتهم الى ما بعد حدود الانقسام لذا لابد من دعوة الجميع بتوفير فرصة اخري لتعيد المنقسمين الى حالة الاختلاف الطبيعي بلا تجاوزات والبقاء في مربع يسمح بخطوات سريعة للعودة لكل التفاهمات والاتفاقيات السابقة والعودة لما يطلبه الوطن والمواطن وما تطلبه مسيرة التحرر الوطني الشامل واقامة الدولة الفلسطينية.
بقلم/ د. هاني العقاد