هل نحن أمام حكومة وفاق وطني بالفعل؟!

بقلم: رمزي النجار

بعد فشل زيارة الوفد الوزاري لحكومة الوفاق الوطني في غزة بعد يوم واحد فقط من زيارته ووضع العراقيل أمام تحركات الوفد الوزاري لأداء مهامه المطلوبة، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل نحن أمام حكومة وفاق وطني بالفعل؟! أم نحن أمام حكومة شكلية غير قادرة على بسط سيادتها على جزء أصيل من الوطن، فلماذا الحكومة إذا موجودة؟ وماذا بعد؟ كلها تساؤلات مشروعة تدور في أذهان المواطن ليعرف حقيقة الواقع المتقلب على الساحة الفلسطينية المليئة بالتناقضات، واصرار بعض القوى الحزبية البحث عن السلطة من أجل البقاء السياسي على حساب المواطن الذي يتطلع الى تحسين الواقع ليتنفس الصعداء، والانجرار وراء قوى اقليمية ورمال متحركة تحركها امريكا مدا وجزرا، ، ويتناسى الفرقاء أن استمرار الخلافات على السلطة واداراتها تطيل أمد الانقسام لتستمر معها معاناة الناس.

ولا يخطئ الظن لمن يعيش في الوطن وخاصة غزة بأن حكومة الوفاق الوطني فعلاً حكومة شكلية بمعنى الكلمة، فما زالت حكومة الظل لها السيطرة الادارية والأمنية على كامل غزة، لذا فإلى متى ستبقى حكومة الوفاق حكومة شاهد زور على إدارة الانقسام؟! فالنوايا كانت واضحة للعيان منذ اعلان تشكيل حكومة الوفاق بأن الكل يبحث عن مصالح عناصره دون الاحتكام الى القوانين، وتفسر الاتفاقيات الثنائية كلا حسب أهوائه، فالنوايا لم تكن صادقة منذ البدايات، والكل متشكك في نوايا الآخر، والتخوفات قائمة، والمطالب كبيرة، والتحريض مستمر لعدم توفر الإرادة الحقيقية لأنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن، وتبقى الاتهامات المتبادلة ولغة التشكيك وفقدان الثقة سيدة الموقف، ويبقى الشعب هو الضحية لهذا الواقع الانقسامي بكل ما يحمله من تصنيفات فئوية وتسلطية وقمعيه، حتى المواضيع الانسانية تتحول سياسيا في مفارقة سياسية بامتياز.

باعتقادي أن التصرفات الانفرادية على أرض الواقع تعكس دلالات خطيرة في الفهم السياسي والقانوني لعمل حكومة الوفاق الوطني، ورغم أن البرنامج الذي تحمله حكومة الوفاق هو برنامج الرئيس وقبل به الفرقاء، وعلى ذلك باشرت الحكومة اعمالها في إطار خطه وطنية متفق عليها، وفجأة تغيرت المفاهيم وتم حوصلتها في إطار ضيق لخدمة طرف على حساب طرف آخر، هذا دليل على عدم الاعتراف الكامل من قبل الفرقاء بحكومة الوفاق الوطني بالرغم من المشاركة في وضع لمسات تشكيلها، فالمشكلة الأساسية تكمن بأنه يريد أحد الفرقاء للحكومة أن تتماشى وفق العقلية الانفرادية المزاجية الرضائية، فالاعتراف الكامل بالحكومة يعنى الالتزام الكامل في تحمل المسؤوليات من قبل الفرقاء، فلا يجوز استخدام سياسية التلويح والترهيب للضغط على الحكومة بتمرير قضايا محددة على حساب قضايا أخرى تشكل ركيزة وحدوية في بناء العمل المؤسساتي، كما أن الاعتراف الكامل بالحكومة يتطلب من الكتل البرلمانية اعطاء الفرصة الكاملة للحكومة للقيام بأداء مهامها نحو تحقيق الرقابة عليها، فالحكومة هي حكومة الوطن ولا يجوز وضع العراقيل امامها وإفشال مهامها وتعطيل اعمالها، فالكتل البرلمانية يجب أن تكون مساندة لتحقيق وحدة الوطن وليس تكريس الانقسام بالتسرع في سن مشاريع قوانين من أجل المناكفات السياسية، فالمواطن يتطلع الى انفراجه حقيقة في الواقع المعاش الذي فاق كل التقديرات، وحكومة الوفاق المعترف بها دوليا هي المنقذ الأساسي لكل الأزمات نحو توحيد مؤسسات الوطن وتحقيق المصالحة وكسر الحصار وإعادة الإعمار، وبدون ذلك ستزداد معاناة المواطنين، فالمواطن هو المتضرر الأول والأخير من تعميق الانقسام.

بقلم/ رمزي النجار