دفعت حركة فتح بالأمس ضريبة ممارسات القمع التي تقوم بها الأجهزة الامنية الفلسطينية من ملاحقات ومطاردات طالت العديد من الشباب الفلسطيني بسبب الإنتماء السياسي.
لم تدرك السلطة بأن الشباب هم الشريحة الواسعة والمؤثرة والتي قد تغير في المسار السياسي الفلسطيني ككل سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بأنهم أصبحوا يروا بأن الكبار قد فشلوا في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرئيلي، ويجب ضخ دماء جديدة تحيي القضية الفلسطينية التي أماتتها مفاوضات هزيلة لم نجني منها سوى ثماراً فاسدة، ومن جامعة بيرزيت كانت صفعة المفاوض.
تعتبر جامعة يبرزيت من أعرق الجامعات الفلسطينية، والتي لعبت دوراً مهماً في رسم السياسة الفلسطينية، والاكثر تمثيلاً لتوجهات شرائح الشباب الفلسطيني، بل من الممكن القول بأنها الصندوق الأسود للسياسة الفلسطينية، ويعتبر مشاهير الحقل السياسي والعسكري الفلسطيني من خريجيها، فمنها تخرج الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، والأسير مروان البرغوثي القيادي البارز في حركة فتح، والشهيدين يحيى عياش وأيمن حلاوة المهندسين البارزين في كتائب القسام، وينسب لهم عمليات كبيرة هزت كيان الإحتلال الإسرائيلي.
نتيجة الإنتخابات أكدت على أن حماس جزء من الكل الفلسطيني لا يمكن إقصاؤه او تحييده، وان المحاولات في ذلك باءت بالفشل، وعلى السلطة وأجهزتها الامنية أن تدرك ذلك، وأن ممارستها القمعية زادت من رصيد الحركة وتعاطف معها الكثيرون من التيارات غير الاسلامية والشباب الفلسطيني غير المؤطر، ولا بد أن نشير هنا بأن العديد من الشباب والذين يقودون الحملات الرافضة للاعتقال السياسي والتطبيع الأمني هم في أغلبهم شباب لا ينتمون لحركة حماس، وهذا يدلل مدى عدم التقبل العام لممارسات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية .
من جانب آخر لم تكن غزة ببعيدة عن الدعاية الانتخابية لكتلة الوفاء الإسلامية، والتي تركزت على المقاومة وما حققته كتائب القسام من إنجازات عسكرية في معركة العصف المأكول، ولعل المتابع للمناظرة الانتخابية بين الكتل الطلابية المشاركة في الانتخابات والردح المقنن والموجه من كتلة الوفاء الاسلامية والمادة التي استخدمتها وفقت فيها الكتلة في عملية الاستقطاب، وخاصة في ربطها بين التنسيق الأمني والاعتقال السياسي في ظل جرائم الإحتلال ، وإدخال مادة الصندوق الأسود في دعايتها والأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية التي تعتبر صلب تعاطف الشباب في الضفة الغربية مع هذه القضية.
فوز كتلة الوفاء الإسلامية شكل نجاح لإرادة الشباب الفلسطيني المقاوم المكبوح والمهان من أجهزة أمن السلطة، وهو اكتساح وحسم ناعم، يشكل فرصة لحماس لتطوير أفكارها هناك اجتماعياً وطلابياً ونقابياً في طريقة التعاطي والتعامل والانفتاح مع الآخرين، وتسهم بشكل كبير في رفع رصيد الحركة شعبياً في الضفة الغربية .
وأخيراً فإن الهجمة المرتدة والمناظرة من مسافة الصفر، وتحدي الواقع بالشكل الديمقراطي، يجب أن يكون هو السائد، بل ويجب تعميمه في جميع الجامعات والنقابات في الضفة والقطاع، والتي قد يكون لها انعكاساتها على أي انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية قادمة.
بقلم/ عماد أبو الروس