قال الكاتب الكردي بير رستم في مقال “لعبة الغوبلزية الحزبية” إن “نسبة لا بأس بها من النتاج الكتابي تتحول إلى نوع من البروباغندا الحزبية كجزء من ثقافة التلقين والتدجين والتجييش للمريدين والأتباع وهكذا يصبح “الكاتب” نفسه أداة إعلامية بوقية - غوبلز صغير - في آلة الدعاية الحزبية وتصبح له معاركه الوهمية مع غيره من الغوبلزيات في الساحة السياسية”.
هذا هو حال حراس البروباغندا الحزبية، يدافعون عن تلك الأجندة وهم يعرفون انها لا تقود الا الى حلقة مفرغة ومبهمة المعاني، ويدافعون عن اخطاء أحزابهم ويتغولون يميناً ويساراً في مستنقع اللامبالاة وفقاً للمثل القائل: “يكذب ويصدق كذبته”، فتراهم ما بين مد وجزر حزبي، وكما قال وزير الدعاية الألماني في عهد هتلر بول غوبلز “اكذب ثم اكذب ثم اكذب، حتى يصدقك الناس”.
اما من يتزوج كرسي الرئاسة دون مشروع تنموي، تراه على شاكلة جديدة، وكأن الماضي بشعاراته التصحيحية أصبح نفاية يجب التخلص منها.
الأدهى من ذلك، انك وبمجرد ممارسة فكرك الطبيعي تصبح في غياهب الجب تحت مسميات حماية الأمن والأمان، وكأن قوائم الحزب أكبر بكثير من اصل معنى الوطن والمواطنة، وليس امام المواطن الا ان يقول كما قال نزار قباني: “لا تفكر أبداً، فالضوء أحمر، إن العقل ملعونٌ، ومكروهٌ، ومنكر”، كذلك قال شاعرنا النواب في مطلع قصيدة “الحزن جميل”: “عارض إن شئت ملائكة الأمن تحيطك، مطلوب خمس دقائق، وتدخل إنسانا وتخرج لا شيء من الإنسانية فيك سوى الصمت”.
الظاهر ان عمليات الإجهاض الفكري مستمرة وسط أسئلة متلاطمة تطرح على أرصفة الحزن: ألم يحن الوقت لتقبل الآراء والانتقادات التصحيحية دون محاباة؟ ألم يحن الوقت لنعترف ان الحزبية قهرتنا جميعاً؟ حتى أنها أصبحت اداة توظيف في بعض المؤسسات التابعة للمنظومة الآيديولوجية.
ما يجب معرفته، ان قول النار لا يؤخذ من باب الحريق والضرر، بل من جانب التدفئة ايضاً، فللنار فوائد كثيرة غير الحريق وأضراره، وكما قال كنفاني: “إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية”.
هذا يذكرنا بما قاله العالم المصري الدكتور علي مصطفى مشرفة، الملقب بآينشتاين العرب: “إنني لن أبقى في أي حزب اكثر من يوم واحد، وذلك لأنني لن اسكت عن خطأ، وسيكون مصيري الطرد من اول يوم”.
زبدة القول
قياساً على الحالة العربية، فإن “جسم الضاد” يعاني من معضلة اجتماعية وسياسية قديمة، يلزمها وصفة تسمى بـ “التنشئة الثقافية”، لأن جميع المجالات الحياتية تتجلى في الإطار الثقافي لبيئة المجتمعات، مع مراعاة أن من أساسيات المجال السياسي وجود مجال اجتماعي ومسؤولية فردية مبنية على الواجب وليس الغوبلز.
بقلم / مأمون شحادة
كاتب صحافي من فلسطين