حماس… مشروع لإقامة دولة… ومهاجمة الشعبية واليسار

بقلم: فايز رشيد

منذ سيطرة حماس على غزة منتصف يوليو 2007، قيل يومها… بأنها تسعى لإقامة إمارة ظلامية وإيجاد دولة في غزة.. اليوم تُجري حماس مفاوضات سرية مع الاحتلال الإسرائيلي، لفصل قطاع غزة وإقامة دويلة فيه.
أحدث الأنباء، جاء على لسان رئيس السلطة من موسكو التي زارها حديثا، حيث قال: «إن هناك مشروعا إسرائيليا، نسميه نحن: الدولة ذات الحدود المؤقتة… حماس تتفاوض حوله مع إسرائيل». يوضح عباس مضمون هذا المشروع، دولة في القطاع وحكم ذاتي في الضفة. حماس من خلال ناطقها الرسمي، ومن خلال إسماعيل هنية وخالد مشعل.. نفت المسألة جملة وتفصيلا.
من ناحية ثانية، قامت حماس بشن أعنف هجوم على النائب جميل المجدلاوي.. فقط بسبب وقوفه ضد فرض حماس للمزيد من الضرائب على كواهل ابناء شعبنا المُعدم في القطاع! هجوم جاءعلى الشعبية والمجدلاوي.. جاء في الوقت ذاته الذي يجري التنكيل فيه بالمناضلة خالدة جرار من قبل العدو الصهيوني.. بالطبع من خلال الهجوم على المجدلاوي تشن حماس هجوما حاقدا على الجبهة الشعبية وعموم اليسار! حيث قال أحد نوابهم «اليسار كان يسبّح بحمد لينين وستالين ويتلقى الأموال من الاتحاد السوفييتي.. وبعد انهياره.. دخلت أوروبا على خط إمداد اليسار الفلسطيني والعربي بالمال». للعلم اعترف هنية بأن حماس لا تمانع في هدنة خمس سنوات مع إسرائيل! كان ذلك في خطابه في ذكرى اغتيال الشيخ أحمد ياسين. بداية هو عامل إيجابي أن بعض قادة حماس اعترف بوجود اليسار.. من دون إقرانه بالكفر والزندقة! نوجه السؤال لهم: لماذا تمولون أجهزتكم الأمنية وغيرها من جيوب أهلنا في القطاع.. أيجوز هذا؟ للعلم في الأشهر الماضية كثرت الأخبار بأن اتصالات تجري بين حماس وإسرائيليين في أوروبا.. ومن المصادر موقع «واللا» الصهيوني منذ يومين الذي يتحدث عن تفاصيل مباحثات على الميناء والمطار. من قبل كشف احمد يوسف في تصريح صحافي له النقاب: عن أن اتصالات تجريها الحركة بمساعدة من دول عربية وإسلامية لإقناع الدول الكبرى والأوروبية برفع اسم حماس من قائمة الإرهاب. وأضاف يوسف مستغرباً، ليس من المعقول أن تدعم الدول الغربية، الأنظمة الإسلامية في الدول العربية، وتواصل مقاطعة حماس، التي خرجت من رحم هذه التيارات الإسلامية وتضعها على قائمة الإرهاب، هذا خطأ في المعادلة الدولية.
تصريح يوسف يعني في ما يعنيه إعطاء مصداقية كبيرة لكافة التقارير والأنباء التي تحدثت عن مباحثات سرية بين حركة حماس والعديد من الدول الأوروبية في العديد من العواصم، كما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها. إمكانية اعتراف حماس بالدولة الصهيونية قائمة…. هذا ما كان رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل قد قاله في مقابلة له مع فضائية «سي أن أن» الأمريكية عندما سأله المحاور عن إمكانية اعتراف حركة حماس بإسرائيل؟ أجابه يومها بأننا نعترف بالواقع ونريد إقامة دولة في حدود عام 1967. لهذا السبب وافقت الحركة في المباحثات السرية المعنية على عقد هدنة طويلة الأمد مع دولة الكيان، ومنع كافة تنظيمات المقاومة الأخرى من إطلاق أي صواريخ أو حتى رصاصات باتجاه اسرائيل، وقامت باعتقال كل من ينفذ ذلك بمن فيهم: حليفتها.. حركة الجهاد الإسلامي وبالطبع الجبهة الشعبية.
بعد تسلم الإسلام السياسي الممثل بحركة الإخوان المسلمين (الذي يؤكد يوسف بأن حماس قد خرجت من رحمها) للسلطة في بعض الدول العربية، فإن معادلات سياسية جديدة تجري في المنطقة. «الغاية تبرر الوسيلة» لو لم يقل ميكافيلي جملته المشهورة التي تحولت إلى مبدأ حياتي، لخطّ الإخوان المسلمون هذه الجملة، فهم منذ بدايات تشكيلهم في عام 1928 حتى هذه اللحظة، يتصرفون ويمارسون وفقاً لهذا المبدأ. نقول ذلك من جملة تجارب لهم في الحكم في بعض الدول، ومن ممارساتهم بعد خلعهم عن الحكم في مصر.
إن ما يجري في سيناء من عمليات عسكرية ضد الجيــــش والشرطة المصرية في سيناء على أيدي التنظـــيمات السلفية الحليفة للإخوان في مصر، ارتفعـــت حدته بعد قيام الجيش وبناء على تظاهرات غالبــية المصريـــين المطلقة في القاهرة والمدن الأخرى، بتنحيه مرسي من منصبه، ووضع «خطة مستقبل» تضمن لكافة ألوان الطيف السياسي المصري (بمن في ذلك الإخوان المسلمون) المشاركة في العملية الديمقراطية. مآسي وزلازل كثيرة سببها الإخوان لأكثر من بلد عربي.
بعد إرسال مندوبهم إلى قصر الاتحادية، تنكر الإخوان لوعودهم كافة، وحاولوا السيطرة على كل المناصب في مصر، وعملوا على أخونة الدولة، وأرادوا فرض نهجهم الاجتماعي على الجوانب الاجتماعية الحياتية على الشعب المصري. ليس ذلك فقط وإنما حَلّلوا كل موانعهم السابقة التي تمثلت في استمرار عقد الاتفاقيات مع الولايات المتحدة، وإبقاء معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، وإجراء الحوارات الكثيرة مع الدول الغربية، وقطع العلاقات نهائياً مع الحلفاء السابقين. الإخوان عملوا على تكميم الأفواه في الداخل وقمع الحريات، والتهديدات المستمرة بالسجن والمحاكمة للمعارضة. تلك هي ممارسات الإخوان.. التي انطلقت حماس من رحم تنظيمهم! حماس طبقت وتطبق ذات التصور في «دولتها» في غزة.
أيضا اتفق الإخوان في العراق مع الحكومة التي أقامها بول برايمر بعد غزو هذا البلد. في ليبيا جاءت كل الممارسات للاتجاهات الإسلامية متوائمة مع سياسات الإخوان في دول ما يسمى بالربيع العربي، التي تسلموا فيها الحكم. هذه هي الملامح المشتركة لسياسات الإخوان في البلدان التي تسلموا فيها السلطة خلال الفترة الماضية.
نعم كل الدلائل تشير إلى أن لحماس.. مشروعها السياسي في غزة.

٭ كاتب فلسطيني

د. فايز رشيد