يسارع المتحدثون باسم حركة حماس إلى نفي أي علاقة لهم بمفاوضات التهدئة لخمس سنوات مقابل فتح ميناء بحري يوصل بين مصالح الناس في غزة والمجتمع الخارجي. وقبل أن يجف حبر نفي حركة حماس لما تظنه تهمة سياسية، يأتي التأكيد من خصومها مرة أخرى، بأنها تجري مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، بل ذهب الأمر بالناطق باسم حركة فتح إلى القول: إن المفاوضات خيانة، وأن المفاوض عميل رخيص للمحتلين.
حتى هذه اللعبة، يبالغ المتحدثون باسم حركة حماس بالنفي، ويوغل خصومهم السياسيون في الاتهام، حتى وصل الأمر بالسيد محمود عباس إلى التهديد بإنه سيحارب كل من يسعى إلى الدولة ذات الحدود المؤقتة، وأن أطرافاً فلسطينية وإسرائيلية تروج لذلك.
ومن المؤكد أن أحد متحدثي حماس، سيخرج إلى وسائل الإعلام لينفي التهمة، ويقسم بالله أن حركة حماس لا تفاوض إسرائيل إلا عبر البندقية، وأن كل هذه التهم كاذبة.
ما شاء الله عليكم يا حركة حماس، صار المتفرد بالمفاوضات مع إسرائيل لمدة عشرين عاماً يتهمكم بالتفاوض، وتسارعون إلى النفي! في الوقت الي يتوجب عليكم أن تقولوا له: نعم، نمارس ما تمارسه، ونحن نسير على دربك، فإن كان حراماً، فعليك أن توقفه، كي نحرمه على أنفسنا، وإن كان حلالاً ولذيذ الطعم، فاتركنا نتذوق حلاوته، ولاسيما أنك تجاهلتنا سنوات، ولم تسمع صرخاتنا، ولم تسمح لنا بمعرفة ما يجري بينك وبينهم.
وما شاء الله عليكم يا حركة حماس، صار الذي يجلس مع ضباط المخابرات الإسرائيلية ويقدم لهم المعلومة عن الأمن الفلسطيني، ويأخذ منهم كشف أسماء الفلسطينيين الواجب اعتقالهم، صار يتهم مطلقي الصواريخ على تل أبيب بأنهم يفتشون عن هدنة؟ وما العيب في الاتفاق مع الإسرائيليين على هدنة لعدد من السنين؟ وأيها أفضل للفلسطينيين؛ الهدنة لعدد من السنين، أم نزع البندقية الفلسطينية وحشوها في مؤخرة الوطن الذي توسع فيه المستوطنون؟ـ
أيهما أفضل للشعب الفلسطيني؟ أن يرفع الحصار عن غزة مقابل هدنة مع الإسرائيليين فقط، هدنة لا تجز رأس البندقية، ولا تفكك الصواريخ، ولا تردم أنفاق المقاومة، أم أن يرفع الحصار عن طريق السيد عباس الذي اشترط فتح المعابر مقابل تسليم سلاح المقاومة؟.
فلماذا تسارعون إلى النفي يا حركة حماس؟
هل تخافون من سلاح عباس الذي يتدلى على خاصرته، ويهدد فيه بإطلاق النار على رأس كل من يفاوض إسرائيل؟ اطمئنكم، عباس عاشقٌ، والعاشق للمفاوضات يرفض الشراكة في المحبوب من منطلق الغيرة.
فهل تخافون من ردة فعل الشعب الفلسطيني؟ اطمئنكم، شعبنا أوعى من التحريض.
فهل تخافون من ردة فعل الفصائل الفلسطينية؟ اطمئنكم، الفصائل عاجزة عن التأثير على عباس، ولن تغير موقفها منكم حتى ولو أقسمتم لها بأنك لا تفاوضون إسرائيل؟
لما سبق، افترح على قادة حركة حماس الإعلان بصوت جهوري عن استعدادها للتفاوض مع إسرائيل بشكل مباشر، وغير مباشر وذلك للأسباب التالية:
1- الوفد الفلسطيني الذي فاوض على وقف اإطلاق النار في القاهرة لم يكن على قدر العزم والمسئولية، وكان يتلقى تعليماته من محمود عباس الذي يحقد على المقاومة.
2- المفاوضات مع إسرائيل تهدف إلى اعمار غزة بعد أن تخلى عنها السيد عباس متعمداً.
3- المفاوضات تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي لسكان غزة، وتهدف إلى خلق فرص عمل، وفتح أبواب التجارة على الخارج، ومن ثم توفير رواتب الموظفين الذين لم يعترف بهم محمود عباس، ليترك مئات آلاف الأسر يتلوون جوعاً وحصاراً.
4- المفاوضات مع إسرائيل لا تتجاوز إطار التهدئة لعدة سنوات، لن تغل يد المقاومين عن تطوري إدائهم، وتعزيز قدراتهم القتالية، وسيكون للتهدئة مقابل موضوعي.
5- المفاوضات تمثل رداً عملياً على محمود عباس الذي يصر على مواصلة المفاوضات مع الإسرائيليين وحيداً، دون الرجوع للإطار القيادي، ودون احترام إرادة الشعب.
أخيراً، أهمس في أذن حركة حماس، وأقول: المرأة لا تعشق زوجها العنين، وقد لا تهنأ المرأة بزوجها الذي يتوسل وصلها، المرأة يا حركة حماس تعشق زوجها القوي العنيف أحياناً.
د.فايز أبو شمالة