صورة سيلفي لملاعب تحيط بنا ..

بقلم: مازن صافي

قبل فترة ألقيت محاضرة إدارية من سلسلة "تطوير الذات" بعنوان إدارة الأولويات، وحين تصارحت مع الحضور بحيث قدمت لكل واحد ورق بيضاء وقلت له ارسم أربع مربعات فارغة، ومع كل جزء من المحاضرات طلبت منهم تعبئة المربعات بما يتناسب وما يقومون به في برنامجهم اليومي، وفي نهاية المحاضرة وجد الغالبية أنهم لازالوا في المربع الأول ومنه ينطلقون ولقد كان مربع الطوارئ، أي العمل تحت الضغط لأمور ملّحة ويتوجب الانتهاء منها، واكتشفوا أنهم يفقدون القدرة على القيادة الذاتية وتحقيق الجودة والارتياح والعمل وفق خطة ممنهجة ومبرمجة وزمنية، تقود الى النتائج المنشودة، ووجدت أن البعض وجد نفسه وبخجل في مربع التوهان وعدم القدرة على تحقيق أي من النتائج، بل مجرد تمضية الوقت لمجرد الانتهاء من المهام مهما كانت النتائج، لقد كانت محاضرة أشبه بصورة سيلفي حقيقي دون تلوين ومن غير استعداد .

نفتقد  وجود الأندية الأدبية، هذه الأندية التي تعمل على ثقل التجارب واكتشاف المواهب وترسيخ مفهوم الثقافة، هذه الثقافة لا تتوقف عند محاضرة عن فن الإلقاء أو كتابة المقال أو أنواع الشعر، ولا يمكن أن تكون مجرد معارض للكتاب وتوزيع النسخ المجانية وتوقيع المؤلف، مع أهمية كل هذا، فإن القصة هي أكبر من صورة سلفي للأديب أو الكاتب، هي عمل مختلف ومتطور لأن الأجيال التي تكبر أمامنا تعتمد على ألعاب الكمبيوتر والنصوص الجاهزة والملازم المدون فيها كل شيء دون ترك أي فرصة للطالب أن يفكر أو يستنتج أو حتى أن يخطئ، الأندية الثقافية تساعد في حل كثير من هذه الصور المرهقة، وتجرد ملكات الإبداع، ويجب أن يكون هناك جمعيات ونوادٍ أدبية في كل مدينة، بحيث يمكن بعد ذلك فهم لماذا انتشرت الملاعب التي يحيط بها السياج الحديدي في الشوارع العامة وربما سيكون هناك بعد فترة في كل حارة ملعب محاط بالأسلاك وبالمئات من الشباب، والكافيتريات والأطعمة وربما "الأرجيلة والسجائر وشاشات العرض المرئي العملاقة " في صورة لا تعكس صورة سلفي لهموم مجتمع مطحون وفقير وشباب قد يبقى في المربع الثالث أو ينتقل إلى الرابع حيث الضياع والتيه والفوضى دون نتاج إيجابي .

قرأت في مقالات مختلفة عن أفكار طرحها الكتَّاب والمفكرين والمحللين السياسيين عن تجميع الدول المفككة ليتحولوا إلى خمسة دول قوية في المنطقة، واليوم بعد التحالف في عاصفة الحزم، وجدنا أن الجسد العربي ربما سيكون أكثر سلامة بإلغاء الحدود بين الدول المتجاورة لتتحول إلى دول كبيرة متصلة، وتواجه ابتزاز كل دولة على حده، كما هو حاصل اليوم ومخطط للغد، فهذه المشاريع والمخاطر المحدقة بمصير البلاد والعباد كبيرة جدا، ويمكن تخيل صورة سيلفي مع حدود كل دولة من الدول الخمسة الكبيرة وأيضا تخيل صورة سلفي لقدرة الدفاع عن النفس في المواجهة والبناء .
 
  
وإشارة أخيرة ندونها فوق تغريدة مصحوبة بصورة سيلفي لكل واحد منا ليجد نفسه في المكان المناسب والفعل المناسب وكما يقال في الأمثال "الحر تكفيه الإشارة!" .

. بقلم د.مازن صافي