ليس بجديد أن تجتمع مركزية فتح لتدارس الأوضاع التنظيمية العامة للحركة وخاصة بعد خسارة الشبيبة في انتخابات بيرزيت التي شكلت مفاجئة تنظيمية لكل أبناء فتح لحساسية المكان والزمان، وليس بجديد أيضاً أن تشكل لجنة تضم عشرة من أعضاء المركزية لتقييم الأمور الحركية من جميع النواحي نحو النهوض بالحركة والخروج بالتوصيات لتصحيح المسار، ولكن الجديد في الأمر ما استنبطته ما بين السطور في كلمة السيد الرئيس محمود عباس عندما وجه سيادته كلمته لدى استقبال الاقاليم المنتخبة في المحافظات الشمالية، ودعا الجميع لتحمل مسؤولياته بشكل جماعي، والعمل موحدين ومتضامنين، والتعلم من كل الدروس والاخطاء للنهوض بالحركة، هنا استوقفتني تلك الفقرة وأيقنت جيدا بأن السيد الرئيس يدرك تماماً ماذا يعنى في هذه الكلمة وكأنه يتحدث بنبض ولسان حال جميع الفتحاويين بأن التكتلات والتصنيفات والحسابات الضيقة لعدد من أعضاء المركزية للوصول للمؤتمر السابع ذبحتنا، والانتظار والصمت أكثر من ذلك سيكتوي بنيرانها الجميع، وأنه حان الوقت أن تستقيم إرادة القادة جميعا أمام القدرة على السير بطريق وحدوي من أجل المصلحة العامة للتنظيم، لتبقى حركة فتح قوية وصلبة نحو تحمل اعباء شعبنا وهمومه، والقدرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية باقتدار، واذا كنا نتحدث عن حركة فتح فإنما نتحدث عن حركة وطنية فلسطينية مكونة من ملايين الأعضاء والمناصرين والناشطين، وهذا ليس ببعيد على حركة فتح العملاقة بعظمة أبنائها، وفوق كل ذلك الحرص أن يكون كل الحرص على بقاء الجسم الفتحاوي قويا متينا أمام أعين المتربصين لفتح ومشروعها الوطني.
فالصورة اليوم في حركة فتح ليست ضبابية بحته كما يعزو للبعض، وإن كنا نتحدث عن أخطاء فهذا وارد في مسيرة العمل النضالي، ولكن المهم الوقوف على تلك الأخطاء اليوم وقبل الغد، والأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي صاغتها اللجان المشكلة سابقاً وحالياً والعمل على تنفيذها، فالمتغيرات الاقليمية والسياسية تتطلب إعادة القراءة العميقة للمستجدات وسرعة انجاز الامور التنظيمية العالقة بعيدا عن إثارة الشكوك حول قدرة وكفاءة قيادة التنظيم في مواقعهم، فالتمسك بمواقع المسئولية تكليف وليس تشريف، وان كنا نأمل أن تبادر بعض القيادات في الحركة التخلي عن مواقع المسئولية طواعية، وهذا لا يعني مغادرة ساحة النضال عندما يتخلى عن مواقع المسئولية، فالقائد الجيد دوما يبقى جندياً جيداً ويحظى بتقدير واحترام الجميع ومكانته محفوظه في تاريخ الحركة على مدار مرحلة النضال الطويلة من الزمن .
وأجزم اليوم بأنه في ظل الحديث عن المراجعات الداخلية والخارجية أن تكون قيادة الحركة أكثر جرأة وشجاعة في إجراء هذه المراجعات، وأنه يمكن إجراء مراجعات الأداء لكل الأطر الحركية إن توفرت الإرادة الحقيقية، وخاصة أن حركة فتح مليئة بالقدرات والكفاءات التي تؤمن بالنهوض والمثابرة الوطنية المسؤولة، ويجب أن تحدث سنويا أو أكثر من مرة في السنة بغض النظر عن الأسلوب، فمن المستحسن توثيق نتائج مراجعة الأداء لضمان أن قيادات الأطر الحركية المختلفة يعملون على نفس الأهداف التي يمكن قياسها على نحو فعال، فلماذا لا يكون هناك أيام دراسية معمقة مع جميع الكوادر والقيادات والأطر الحركية على قاعدة المشافهة لاستخلاص العبر والدروس من الأخطاء السابقة، وإعادة صياغة مستقبل حركة فتح على أسس وطنية محددة الأهداف الاستراتيجية الحقيقية بما يتلاءم مع التطور الفكري والنضج العقلي لأبناء التنظيم، وخلق مساحات واسعة من المهمات في إطار التنظيم وتكافؤ الفرص، وتهيئة المناخ التنظيمي لإعداد جيل من الشباب القوي مع أهل الخبرة لقيادة التنظيم في المرحلة المقبلة، ولن تستقيم الأوضاع في تنظيم فتح بالمجاملات أو توزيع الابتسامات، ولن تتحقق قوة فتح بمعناها الصحيح بدون حسم الأمور ووضع النقاط على الحروف بتحديد موعد انعقاد المؤتمر السابع للحركة قبل نهاية العام الحالي، وتفعيل الوثائق الأساسية المنظمة للعلاقات بين القاعدة الفتحاوية والقيادة والمتمثلة في النظام الأساسي وقوانين المحبة والأخوة، لينعكس بالإيجاب على مصداقية الحركة وقدرتها المفترضة للتأثير على الجمهور.
بقلم/ رمزي النجار
[email protected]