الميزان يميل بقوة لصالح دحلان في صراعه مع عباس

بقلم: طلال الشريف

مفاجأة وكالة خبر السعودية التي نقلتها عن عضو في اللجنة المركزية عن النقاش الحاد الذي جرى في الاجتماع الاخير للجنة المركزية على خلفية تواصل واتصالات العديد من أعضاء اللجنة المركزية مع دحلان تكشف عن مدى التدهور الذي وصلت إليه الأحوال داخل المطبخ الفتحاوي المشتعلة به نار التربص والتنصت والتلصص على عقول وتصرفات وعلاقات أعضاء اللجنة المركزية ومحاولة تكميم الأفواه ومصادرة الرأي في أعلى هيئة تقود حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي تشكل التيار الوطني المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية.
سواء كان عباس أول أو آخر من يعلم أن ثلثي أعضاء اللجنة المركزية يخفون مواقفهم تجاه الصراع غير النظيف مع دحلان ومحاولة منعه من قبل عباس الوصول للرئاسة وكان على عباس ألا ينتظر أن يحضر له رئيس المخابرات تسجيلا لأحد أعضاء اللجنة المركزية وحديثه الجريء مع دحلان وإعلامه بأن ثلثي أعضاء اللجنة المركزية هم في صف دحلان في هذا الصراع الذي وضع مصير حركة فتح في المجهول طوال الاعوام الاربعة الماضية.
دحلان أصبح زعيما قوميا خرج من المحلي للوطني للقومي وحتى الدولي بكاريزما الزعيم الفلسطيني القادم وعباس لا يعلم أو لا يريد أن يعلم .. إنه دحلان القائد الفتحاوي الأصيل ولأنه أخلص لفتح ولغزة ولفلسطين خرج إلى الفضاء العربي والإقليمي والدولي الرحب.
قبل سنوات كنت أقرأ عمن اشتهروا عالميا وكان الجميع يؤكد على أن قاعدة الانطلاق للعالمية هو الاخلاص والنجاح المحلي والوطني وهذا ما فعله دحلان بإخلاصه أولا لحزبه ورفاقه ومسقط رأسه وبلده ولا تزال مفاجآت دحلان تتوالى لتحاصر عباس في الزاوية حينما ينجح في ابرام اتفاق بين مصر وإثيوبيا ليضع مدماكا قويا له في أرض الاقليم ويحصل على حظوة الرئيس السيسي رئيس أكبر وأقوى دولة عربية تصنع سياسة المنطقة ولا ينجح عباس طوال عشر سنوات من حكمه في أي خطوة قام بها على الصعيد الوطني والقومي والدولي ومصر تعرف جيرانها بالتفصيل الممل وتضبط مقاييس ارادتها نحو الجيران من الحكام القادمين لسدة الحكم للصالح الاستراتيجي العربي ولعل أقوى دليل على معرفتها وتوجيه ارادتها السياسة المصرية العربية الأصيلة المدركة للصراع التاريخي مع اسرائيل والإقليم هو في قمة فهمها العميق للشخصيات الفلسطينية ووقوفها ودفعها بياسر عرفات لقيادة منظمة التحرير باكرا خير دليل على الفهم المتجذر للدولة المصرية لما تخطه للزمن القادم وهو ما يعرفه عباس.
قي برنامجه للثورة السياسة كتب تروتسكي " لم ير أحد حتى الآن الشيطان يقضم مخالبه برضاه ..." ودعا إلى ثورة تطيح بالديكتاتورية لكنها لا تبدل علاقاتها بالمؤسسات الملكية القائمة... "
وهنا في فلسطين إذا أردنا تغيير الواقع لابد من الاطاحة بعباس بعدما أوشكت السفينة على الغرق فعلا وعدم انتظار تخليه عن السلطة كما كان يردد ونسيها الآن أو تناساها وليست الغاية في فلسطين أن نبدل عصبة حاكمة بعصبة أخرى أو رئيس برئيس بل نريد إدارة متحركة مدركة لواقع الاقليم وعلاقاته ومضمونه الجديد للحفاظ على القضية الفلسطينية متناغمة مع البعد العربي الجديد وليس معاكسا خاسرا لنزوات بعض الطارئين على السياسة من دول المنطقة ومدركة كذلك الواقع الفلسطيني الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وقبلها وبعدها الواقع السياسي في رحلة التحرر الفلسطيني وعباس وحماس أصبحا متشابهين في علاقاتهما في الاقليم غير المرغوب بهما ويشكلان عائقا أمام التوجهات العربية الفاعلة بقوة في هذه المرحلة وليس مفاجئا اذا عرفت مرجعية الطرفين عباس وحماس أنها ليست مصر الكبيرة مركز العرب السياسي والتاريخي في المنطقة والإقليم بل هم في الصف الآخر المناوئ للمركز العربي السياسي في قاهرة المعز والذي يحارب مصر بقوة.
من هنا وعلى الصعيد الشعبي والقيادي الفتحاوي والوطني الفلسطيني والقومي العربي والإقليمي والدولي الميزان يميل بقوة لصالح دحلان في صراعه مع عباس.
4/5/2015م

د. طلال الشريف