في إطلالته امس الأول قال سماحة السيد حسن نصرالله،بأن خطر الجماعات التكفيرية في القلمون،وبالذات "جبهة النصرة" المرتبطة بالنظام السعودي،هو خطر جدي وحقيقي وقائم كل يوم،وليس خطراً إفتراضياً،حيث ان تلك الجماعات تسيطر على مساحة واسعة من أراضي الدولة اللبنانية وتعتدي على الجيش اللبناني وعلى المواطنين اللبنانيين في عرسال،وكذلك إستمرار احتجاز الجنود اللبنانيين،وأضاف سماحته"أن نذهب لعلاج ما للجماعات المسلحة امر محسوم،لكن الزمان والمكان لم يتم الإعلان عنهما بعد،وشدد سماحته على انه لو أرادوا انتظار الاجماع اللبناني،لكانت الجماعات المسلحة داخل الأراضي اللبنانية،ولذلك سيذهبون لمعالجتها،وأضاف سنقول" لمن يقولون من كلفكم بهذا الأمر"هذا تكليف انساني واخلاقي وديني ومن يتخلف عن هذا الامر وهو اذ يستطيع القيام به يتحمل المسؤولية".
معركة القلمون التي اقترب موعدها كثيراً،وهي معركة كسر عظم بين سوريا وحزب الله ومعهما ايران ضد الجماعات المسلحة والمتطرفة من "نصرة" و"داعش" وغيرها من مستنبتات وطحالب الإرهاب والتكفير المشيخاتي الخليجي ومعهم جماعة التتريك،وعلى وجه التخصيص الحلف السعودي-القطري- التركي والإسرائيلي،معركة ذات أبعاد استراتيجية،سيكون لها الكثير من التداعيات والنتائج على مستقبل المنطقة برمتها،ليس فقط على الصعيدين اللبناني والسوري،بل تتعدى ذلك للإقليم والعالم،واسرائيل في قلب ذلك.
طحن وكسر عظم تلك المجموعات يعني بأن المشروع الإقليمي الأمريكي للمنطقة سيتم القضاء عليه،هذا المشروع الذي بشرت به وزير خارجية امريكا السابق "كونداليزا رايس" في الحرب العدوانية التي شنتها عنها اسرائيل بالوكالة في تموز/2006 على حزب الله والمقاومة اللبنانية ،ولعل من المهم التذكير بأن احادية قطبية أمريكا للعالم،لم تعد قائمة في القرن الواحد والعشرين،وقد خسرت أمريكا ذلك من بوابة حربها على افغانستان والعراق،حيث نشهد بروز لتعددية قطبية في العالم.
حرب مفتوحة حشدت فيها كل قوى العدوان جميع انواع السلاح بمختلف قطاعاته وانواعه ومسمياته،وضخت المليارات من الدولارات وأكبر احتياطي بشري إرهابي وتكفيري،تم جلبه وتجريبه واستخدامه بمختلف مسمياته وعناوينه الى وفي سوريا،مترافقا ذلك مع حرب سياسية واعلامية ومخابراتية ودبلوماسية ولوجستية ضد النظام السوري من اجل إسقاطه وتغير وجه المنطقة،وترسيخ معالم المشروع الأمريكي في المنطقة والقائم على الفوضى الخلاقة والتفكيك واعادة التركيب للجغرافيا العربية خدمة لهذا المشروع،ولكن لم تنجح امريكا وكل هذه المروحة الواسعة من الحلفاء التابعين في إسقاط الحلقة السورية،التي شكلت رقماً صعباً امام هذا المشروع،ولذلك سعت الى محاولات تحسين وتغير الظروف والمعطيات على أرض الواقع من خلال عاصفة"حزم" كالتي شنت على فقراء اليمن من قبل السعودية،إندفاعات واسعة لألاف الجماعات الإرهابية من شيشان وتركمان وعرب وغيرهم،مدججين ومغطيين بقصف بأحدث انواع السلاح من الأراضي التركية،والسيطرة على مدينة إدلب وجسر الشاغور،وتجنيد إسطول إعلامي واسع للتهليل والتطبيل لهذا "النصر" المبجل عن قرب سقوط النظام السوري،ولكن كل هذا التهليل والتطبيل والتزمير والتضخيم،ليس سوى فقاعات بالون فارغة،فتركيا في حربها هذه،كما هي حرب السعودية على اليمن،فأقصى ما ستحققانه هو تحسين شروطهما التفاوضية ليس أكثر.
ولكن الحسم وتغيير الخارطة للمنطقة سيكون في القلمون،حسمت القلمون فتحت الطريق نحو ادلب وحلب والرقة والحسكة،والسقوط المدوي للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي- التركي- الخليجي في المنطقة،وحسمت روسيا مكانتها كقوة كبرى مقررة في العالم،وايران ستصبح النافذة والمتسيدة اقليمياً ومعها مروحة واسعة من قوى المقاومة من الشام حتى صنعاء.واذا لم تحسم المعركة في القلمون او حسمت لصالح الحلف المعادي بمجاميعه التكفيرية والظلامية والقوى العربية والاقليمية والدولية الداعمة لها،فالحلف التركي- الإسرائيلي – الخليجي سيسطر على المنطقة اقتصاديا وامنياً،ويتقزم الدور الروسي الى مجرد دولة اسيوية ملحقة وتابعة في القطب الأمريكي- الأوروبي الغربي.
معركة القلمون والنصر فيها،يعني لحلحة وفك الكثير من الملفات العالقة لبنانياً من الرئاسة الى الحكومة فالقضايا الأمنية والأمن والإستقرار وقوى الإرهاب والتطرف،وسورياً هذه المعركة والحسم فيها هامة لجهة تعزيز الحماية الواسعة حول دمشق،وكذلك هذا النصر مهم جداً لجهة الروح المعنوية للشعب السوري،بعد ما تعرضت له من إنتكاسة وتأثيرات سلبية عقب سيطرة عصابات النصرة على إدلب وجسر الشاغور،ونشر الأكاذيب والتضليل من قبل القوى المعادية،حول إقتراب سقوط النظام السوري،وكذلك قطع الطريق على التمويل وتهريب السلاح والأفراد والجماعات الإرهابية من لبنان الى سوريا.
وحسم القلمون يعني بأن عمق المقاومة سيتسع،وهذا سيشكل خطر جدي على دولة الإحتلال الإسرائيلي.
ما قبل القلمون ليس ما بعدها،هي حرب ستحدد مصير المنطقة،معركة القلمون شبيه بجبال "طورا بورا" في أفغانستان" المارينز الأمريكي عجز عن تحقيق انتصار على جماعة طالبان،ولكن حزب الله وسوريا سيوجهان ضربة كاسحة للقوى التكفيرية والظلامية،وستخلق المعادلات الجديدة من نجران في اليمن،حيث الجيش اليمني خرج للمنازلة،وفي القلمون حزب الله وسوريا يخرجان للمنازلة لحسم المعركة بشكل نهائي.
بقلم/ راسم عبيدات